
درجت العادة في بلدة بطمة (قضاء الشوف) أن يكون عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية، مناسبة مميزة لدى أبناء البلدة من المسيحيين (طائفة الروم الكاثوليك) والموحدين الدروز، تأكيداً على العيش الأهلي الواحد بين مكونات وعائلات البلدة بجناحيها الروحي والوطني، بحيث يلتقون في ساحة الكنيسة لتبادل التهاني وتفقيس البيض والضيافة، وكذلك في عيد الأضحى المبارك حيث اللقاء في ساحة دار البلدة.
عام 2015 نجح أهالي البلدة الواقعة في منطقة الشوف الأعلى بصنع أكبر سلة من البيض على مستوى لبنان، لما لتفقيس البيض الملون من تقليد متصل بإحياء العيد، ورمزية لتجديد حياة المؤمنين بالقيامة، فصنعوا سلة كبيرة تتسع لخمسة آلاف بيضة توزعت على أبناء البلدة التي تعد قرابة 1800 نسمة.
وشرح رئيس البلدية خالد زين الدين، لـ «الأنباء» الكويتية، أهمية بلدته على المستويات التاريخية والتراثية والبيئية، «باعتبارها تحتوي على مدافن ونواويس وقلاع رومانية ومغاور، بعضها يقع في منطقة تضم شجرة سنديان تعتبر من الأشجار القديمة يزيد عمرها على 500 سنة، يزورها أبناء البلدة للتبرك وإيفاء النذور، ووسط مساحات حرجية واسعة، تتكئ على مجرى مياه نهر الاولي».
وأضاف: «تحتوي البلدة التي تمتد على مساحة مئات الهكتارات على عدة مراكز دينية مسيحية ودرزية من مقامات ومزارات وخلوات ومجالس دينية وكنيستين قديمة العهد وحديثة لرعية مار بطرس وبولس الكاثوليكية، وفيها كبار من الرجالات مشايخ وآباء وشعراء وأدباء وفنانين ومثقفين. كذلك فإن البلدة تعد نموذجية، ومثالا للتعايش الواحد يحتذى، والمشاركة الدرزية الكبيرة بهذه المناسبة الروحية أكبر دليل على تلك الشراكة بين أبناء البلدة والجبل المسيحيين والدروز».
خادم الرعية الأب هشام الزغبي يشير بدوره إلى «أهمية الاحتفاء معا، بما للعيد من رمزية مهمة، مع الاخوة الدروز في عيد الفصح المبارك، فنصلي معا من أجل السلام الدائم، وبأن يحل الاستقرار في ربوعنا، والذي يتوق إليه اللبنانيون جميعهم وأبناء العالم».
المسؤول في وقف مار بطرس وبولس سامي الحداد أكد بدوره أن «العيد مميز ككل سنة في بطمة، من خلال المشاركة الكاملة لأبناء البلدة وإحياء المناسبة معا، وهذا يرمز أولا للروحية الاجتماعية والأهلية والأخلاقية التي يتمتع بها أبناء بلدتنا. وكما الإيمان المسيحي يرمز أيضا إلى المحبة والسلام، فإن الاجتماع يؤشر إلى مدى توقنا إلى تعزيز تلك المحبة وترسيخ الاستقرار وانشادنا الدائم للسلام، لأجلنا وأجل مستقبل أولادنا في وطن الرسالة لبنان».
وأكد الحداد ان «تقليد تفقيس البيض الملون باعتباره جزءا من عناصر العيد وكتجديد للحياة، ونحرص على ممارسة تلك الطقوس مع صنع المعمول والحلويات كل سنة، بالتشارك مع الكبار والأطفال. بلدتنا اشتهرت بهذا الأمر على مدى الأعوام الماضية وسنستمر بذلك. كما أننا سنستمر في إحياء هذه المناسبات، انطلاقا من إيماننا المسيحي ومن الحاجة الدائمة للتلاقي والتعاون والتآلف في هذه البلدة وسائر قرى وبلدات منطقة الجبل، التي شهدت أهم مصالحة وطنية وتاريخية في التاريخ بين الدروز والمسيحيين».
الأنباء الكويتية