
موقف وزير الخارجية الأميركي نُقل بطريقة تحمل الكثير من الالتباسات، خصوصاً عندما نقل عنه أن سوريا مقبلة على حرب أهلية أو تفكك للدولة وللمجتمع، علماً أن تصويب الموقف جاء ليشير إلى أن هذا العرض كان في معرض تبرير خطوة رفع العقوبات.
يقول فورد “دعتني مؤسسة بريطانية غير حكومية، متخصصة في حل الصراعات، من أجل مساعدتهم في إخراج هذا الشاب (يُشير إلى صورة الشرع حين كان عضواً في تنظيم القاعدة) من عالم الإرهاب وإدخاله إلى عالم السياسة التقليدية”. وأردف الدبلوماسي الأميركي السابق قائلاً: “وعلي أن أخبركم أنني في البداية كنت متردداً جداً بالذهاب، وتخيلت نفسي مرتدياً بدلة برتقالية والسكين على رقبتي، لكن بعد أن تحدثت إلى عدد من الأشخاص الذين خاضوا التجربة وأحدهم قابله (الشرع) شخصياً قررت أن أجرب حظي”.
بدا الكلام وكأنه إيحاء برغبة من فورد لإظهار دوره ودور مؤسسات دولية أخرى في التأسيس لحقبة الشرع، وتحضيره لاستلام قيادة سوريا. ربما أراد من وراء ذلك نسب الدور لنفسه، أو للولايات المتحدة الأميركية. وذلك في إطار محاولة للالتفاف على كل القوى الإقليمية والدولية التي تعتبر نفسها معنية بإنجاح التجربة السورية الجديدة، وفي ظل الانفتاح على سوريا. تبدو الصورة وكأن واشنطن تريد أن تتصدر المشهد وحدها، وأن يكون رفع العقوبات عن دمشق هو من ضمن السياق الأميركي وليس بناء على جهود دولية أو عربية أخرى بذلت في سبيل ذلك.
موقف فورد في سوريا، له الكثير من المواقف التي تشبهه في لبنان لديبلوماسيين أميركيين. من أبرز هؤلاء كان السفير جيفري فيلتمان، والذي كان متحمساً إلى حدود بعيدة لقوى 14 آذار في فترة ثورة الأرز. في حينها، كان فيلتمان يقدم دعماً ووعوداً لهذه القوى في إطار مواجهة حزب الله، وصولاً إلى أحداث 7 أيار 2008 والتي اجتاح خلالها حزب الله لبيروت، بينما كانت الوعود الأميركية بمنع الحزب من ذلك، وتوفير كل الدعم اللازم لإنهاء مسألة سلاحه. أدى خطأ فيلتمان إلى تعزيز سطوة حزب الله أكثر على لبنان، في مقابل خسارة المشروع المضاد، وصولاً إلى حصول تقاطع أميركي إيراني في لبنان تُرجم أكثر فأكثر في سوريا والعراق طوال السنوات الفائتة، لا سيما لدى الوصول إلى الاتفاق النووي في العام 2015.
لا يمكن فصل موقف فورد، وكلام وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن إطار مواصلة المزيد من الضغوط الأميركية على سوريا، لدفعها إلى السلام مع إسرائيل وتخويفها من الحرب الأهلية الداخلية أو من الانهيار. يتزامن ذلك مع حماسة أميركية للاهتمام بسوريا الجديدة القريبة من الغرب، بالإضافة إلى تدفق الكثير من المشاريع والاستثمارات إليها، في ظل الهجمة الكبرى على الاستثمار في المرافق والموانئ وفي القطاعات الزراعية والنفطية.