البيئيةثقافة ومجتمع

“لبنان يلوّث نفسه: أزمة أخلاق قبل أن تكون أزمة نفايات”

ريبال مرداس

في لبنان، لم تعد أزمة النفايات مجرّد مشكلة تقنية أو خدمية، بل أصبحت مرآة تعكس عمق الأزمات الأخلاقية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع. ففي ظلّ تفاقم ظاهرة رمي النفايات من السيارات، وتركها في الغابات والأماكن العامة، يتجلّى بوضوح ثلاثيٌّ خطير: قلة الوعي، فقدان الثقة، والتفلّت من العقاب.

قلة الوعي تظهر عندما لا يدرك المواطن أن رمي علبة أو كيس بلاستيك في الطبيعة قد يستغرق مئات السنين ليتحلّل، وأن هذا السلوك البسيط يُراكم ضرراً جماعياً. فالتربية البيئية تكاد تكون غائبة في المدارس، والإعلام لا يسلّط الضوء بما يكفي على خطورة هذه العادات.

 

أما فقدان الثقة، فهو واضح في العلاقة بين المواطن والدولة. كثيرون لا يثقون بأن النفايات ستُجمع أو تُدار بشكل سليم، فيعتبرون أن تصرفهم الفردي لا يؤثر، أو أن البلد “غير قابل للإصلاح”، فيتخلّون عن مسؤولياتهم.

 

ثم يأتي التفلّت من العقاب ليكمل الصورة: لا رقابة فعلية، لا مخالفات تُسجّل، ولا محاسبة تُطبق. من يلوث، لا يُردَع. وهكذا تتحوّل البيئة إلى ضحية لإهمال جماعي تشجّعه مؤسسات غائبة أو متواطئة بالصمت.

إذا أردنا فعلاً التغيير، فعلينا أن نعيد بناء هذه المنظومة من الأساس: أن نزرع الوعي، نعيد بناء الثقة، ونعيد هيبة القانون. وحدها بيئة يحترمها الجميع يمكن أن تكون وطنًا حقيقيًا لنا ولأولادنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى