
يواجه الجيش اللبناني كماً هائلاً من التحدّيات بثبات وحكمة ورباطة جأش، وتبدأ هذه التحدّيات من الجنوب في ظلّ استمرار التهديد الإسرائيلي والاعتداء اليومي المتكرّر الذي يُسقط مزيداً من الضحايا والتهديم الممنهج لما تبقّى من عمران، حتى البيوت والغرف الجاهزة، مع مواصلة إحتلال التلال الخمس، وتحليق المسيّرات التي تصول وتجول بلوغاً إلى بيروت والبقاع، وهذا الأمر لا يُوحي بالتفاؤل ويبقي احتمال التصعيد الحربي قائماً.
إلى ذلك، فإنّ الجيش يتابع عبر أجهزته، ولا سيما منها مديرية المخابرات، موضوع الأمن القومي لجهة الكشف عن الخلايا الإرهابية، خصوصاً تلك النائمة ورصد أماكن وجودها، وحركة المخيّمات الفلسطينية في ظل تعثر محتمل لموضوع سلاحها، على رغم من الزيارة الأخيرة للرئيس محمود عباس التي فاقمت الخلافات بين الفصائل. وذلك عدا الموضوع الرئيس، وهو حصر السلاح بيد الدولة، وهو موضوع سياسي بامتياز، ودونه عقبات جمّة، تبدأ من عدم التزام إسرائيل قرار وقف إطلاق النار، وإصرارها على الخروقات التي فشلت اللجنة الخماسية في لجمها، فيما عجزت الضغوط الدولية في الحدّ منها بسبب الالتباس الذي يشوب الدور الأميركي حيالها.
أعباء هائلة تثقل كاهل الجيش اللبناني الذي لا يزال يحتاج إلى كثير من الدعم التسليحي واللوجستي وتحسين الأوضاع المادية للعسكريِّين. انطلاقاً من ذلك، تجتهد قيادة الجيش التي تحظى بدعم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لمعالجة كل هذه التحدّيات بما توافر ويتوافر لديها من إمكانات، لعبور هذه المرحلة الصعبة، لتتمكن من الإضطلاع بالمهمات الملقاة على عاتقها. ولا يألو قائد الجيش العماد رودولف هيكل جهداً في التصدّي لكل العوائق التي تواجه المؤسسة العسكرية، وهو يتصدّى للعقبات بموضوعية ويجتنّب أي نوع من المغامرات التي لا تفضي إلى النتيجة المرجوّة. وهو يصارح زوّاره من مسؤولين خارجيِّين ومحليِّين بواقع الحال، مؤكّداً تصميمه على تجاوزه، ولو اقتضى ذلك بعض الوقت. كل ذلك في الوقت الذي تتّجه إهتمامات الدول المؤثرة في الوضع الداخلي إلى سوريا لأجندات خاصة بها.
وفي أي حال، فإنّ الزيارات المتوقع أن يقوم بها مسؤولون دوليون وعرب تباعاً بعد الأعياد إلى لبنان، ستتركّز على ضرورة توفير كل الحاجات والإمكانات التي تجعل الجيش أكثر اقتداراً وفاعلية. إنّ الوضع الراهن في لبنان يستدعي أن يكون الجيش مستعداً لكل المهمات التي تنتظره، وهو يقوم بما يتوجّب عليه بما يفوق إمكاناته أحياناً، وهو العنصر الأساس والرئيس في الحفاظ على الاستقرار، ومعالجة المواضيع الإشكالية الحساسة بالحدّ الأقص