
مع انتهاء عطلة عيد الأضحى المبارك، تعود الحركة السياسية إلى زخمها ويصل إلى بيروت الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ليناقش مع المسؤولين اللبنانيين الملفات الهامة من اتفاق وقف النار إلى مصير «اليونيفيل» في جنوب لبنان مروراً بالإصلاحات وملف إعادة الإعمار وصولاً إلى موضوع حصرية السلاح. بينما برزت أمس قراءتان مختلفتان من «حزب الله» و«القوات اللبنانية» للبيان الوزاري
وقد انشغل اللبنانيون في الساعات الماضية بما تردد عن توافق الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على إنهاء مهمة قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان لدى موعد التجديد لهذه القوات في مجلس الأمن الدولي في شهر آب/أغسطس المقبل.
يأتي ذلك بعدما أوردت صحيفة «يسرائيل هيوم» بالأمس «أن إسرائيل انضمت إلى الموقف الذي اتخذته الإدارة الأمريكية، والذي يقضي بإنهاء عمل القوة الدولية بعد 47 عاماً من انتشارها في المنطقة»، حيث كانت «اليونيفيل» أنشئت عام 1978 بعد عملية الليطاني، لكنها حسب الرواية الإسرائيلية «لم تنجح فعلياً في منع تسليح الجماعات الإرهابية في المنطقة طوال هذه السنوات».
إلا أن متحدثاً باسم الخارجية الأمريكية أكد لاحقاً «أن التقارير التي تتحدث عن ان الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على انهاء عمليات «اليونيفيل» غير صحيحة». كذلك ذكرت مصادر في وزارة الخارجية اللبنانية أنها لم تتبلّغ بأي تطور في هذا الإطار.
عون إلى الأردن للقاء الملك عبد الله… ولودريان إلى بيروت لنقاش وقف النار والإصلاحات
وترغب الولايات المتحدة في تقليص التكاليف المترتبة على تشغيل هذه القوة، في حين ترى إسرائيل أن التنسيق القائم مع الجيش اللبناني أصبح فعالاً إلى درجة تجعل وجود «اليونيفيل» غير ضروري. ووفقاً لصحيفة «جيروزاليم بوست» فإن الولايات المتحدة قررت بالفعل التصويت ضد تمديد تفويض قوات «اليونيفيل». وترافقت هذه الأنباء مع تواصل عمليات الاعتراض لدوريات «اليونيفيل» في جنوب لبنان من قبل «الأهالي» وآخر فصول هذا التعرض كان في وادي الحجير.
مخاوف من عدم التجديد
وقد تخوّف البعض من عدم التجديد لقوات «اليونيفيل» لأن إنهاء مهمة «اليونيفيل» قد يعني التمهيد لعمل عسكري إسرائيلي كبير قد يمتد إلى خارج نهر الليطاني ورفع اليد الدولية عن أي خطوة إسرائيلية محتملة، كما يعني غياب أي دعم لوجيستي للجيش اللبناني كما غياب أي موارد مالية واقتصادية لأهالي الجنوب الذين استفادوا على مدى سنوات طويلة من الدورة الاقتصادية للجنود الدوليين ومن تقديماتهم الصحية والاستشفائية.
وأوضح الناطق باسم قوات «اليونيفيل» في لبنان أندريا تيننتي «أن البقاء سيساعد في حل أي نزاع بين لبنان وإسرائيل». ولفت إلى أنه «لم تحصل محادثات بشأن إنقاص التمويل الدولي لمهمة «اليونيفيل» في لبنان»، مؤكدًا «أن التمويل أمر متروك لمجلس الأمن الدولي»، موضحاً «أعدادنا لم تتغير جنوب لبنان حتى الآن».
وأشار في حديث صحافي إلى «أن 48 دولة تدعم مهمتنا في لبنان منذ عام 2006 ووجودنا يخلق نوعاً من الأمل». وأضاف تيننتي «ندعم الجيش اللبناني في عملية انتشاره جنوبي لبنان، ودعمُنا للجيش اللبناني حجر الأساس في عملية انتشاره»، مشيرًا إلى «أن وجود قوات إسرائيلية جنوبي لبنان يعرقل انتشار الجيش اللبناني والمجتمع الدولي من تنفيذ مهامه تجاه لبنان».
وقد حضرت المستجدات الجنوبية وما تتعرض له «اليونيفيل» في الجنوب في لقاء بين قائد الجيش العماد رودولف هيكل والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين هينيس بلاسخارت التي تناولت معه الاوضاع ونتائج اتصالاتها الاقليمية.
تزامناً، يستكمل رئيس الجمهورية العماد جوزف عون جولاته على الدول العربية، ويقوم اليوم الثلاثاء بزيارة دولة إلى الأردن يلتقي خلالها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وكبار المسؤولين الأردنيين. ويتوقع أن تتناول المحادثات التنسيق الأمني ودعم الجيش اللبناني وموضوع استجرار النفط والغاز بعد فشل الاتفاقات السابقة بسبب قانون «قيصر».
ومن المنتظر أن يُتخذ القرار النهائي بمصير يونيفيل في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة خلال شهر أغسطس 2025، وفق الصحيفة ذاتها.
وتُنفّذ اليونيفيل حاليا دوريات منتظمة على امتداد الحدود بين إسرائيل ولبنان، وتبلغ قوامها نحو 10 آلاف عنصر من أكثر من 50 دولة، مهمتهم الحد من التوترات بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي.
وفي مايو/ أيار الماضي، أعربت يونيفيل، عن قلقها إزاء استهدافات إسرائيلية لممتلكاتها وأفرادها جنوب لبنان، آخرها إطلاق طلقتين ناريتين أصابت إحداهما قاعدة لها جنوب قرية كفرشوبا اللبنانية الحدودية. وعُدّ هذا الحادث الأول الذي يصاب فيه موقع لليونيفيل بشكل مباشر منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان (حزب الله) في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
سقوط مسيّرتين في حولا وبيت ليف… وقراءتان مختلفتان من «حزب الله» و«القوات» للبيان الوزاري
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص. ومنذ بدء وقف إطلاق النار، ارتكبت إسرائيل ما لا يقل عن 2777 خرقاً له، ما خلّف 199 قتيلا و491 جريحاً على الأقل، وفق إحصاء لوكالة الأناضول استناداً إلى بيانات رسمية.
وبينما يواصل الجيش اللبناني انتشاره في الجنوب تنفيذاً للاتفاق، تنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافاً للاتفاق، وواصلت احتلال 5 تلال لبنانية رئيسية ضمن مناطق احتلها في الحرب الأخيرة. ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في لبنان وفلسطين وسوريا، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
مسيّرات إسرائيلية
ميدانياً، سقطت مسيّرتان تابعتان لجيش الاحتلال الإسرائيلي في بلدتَي حولا ـ مرجعيون وبيت ليف ـ بنت جبيل. وقد عملت دوريات من الجيش على تأمين محيط سقوطهما، ونقلهما إلى الوحدة المختصة ليصار إلى الكشف عليهما وإجراء اللازم بشأنهما.
إلى ذلك، ألقت محلقتان إسرائيليتان قنبلتين في منطقتي رأس الناقورة، وبلدة راميا الحدوديتين من دون وقوع إصابات. وسُجل قيام جرافات إسرائيلية تؤازرها قوة مدرعة بعملية تجريف في محيط الموقع الإسرائيلي المستحدث على مفرق موقع العباد بين بلدتي مركبا وحولا في قضاء مرجعيون.
كما سُجل تحليق مكثف للطيران المسير الإسرائيلي في أجواء معظم بلدات أقضية مرجعيون، النبطية والزهراني، على علو متوسط. واطلقت القوات الإسرائيلية النار من تلة حمامص في اتجاه بيك آب على طريق عين عرب – الوزاني وقد نجا سائقه.
وقبل الظهر، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة من تلة حمامص المحتلة في اتجاه سهل مرجعيون، بالتزامن مع تحليق لطائرة استطلاع إسرائيلية على علو منخفض جداً فوق قرى شرقي وغربي بعلبك وأجواء الضاحية الجنوبية لبيروت.
واستشهد لبناني، وأصيب عدد آخر في ثالث أيام عيد الأضحى، جراء غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية بصاروخين، على طريق عام الشهابية – كفردونين في قضاء صور، جنوبي لبنان. وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية، الأحد، بأن طائرة مسيرة إسرائيلية نفذت غارة على دراجة نارية في بلدة الشهابية التابعة لقضاء صور جنوبي البلاد.
وأسفرت الغارة على الشهابية عن سقوط قتيل وعدد من الجرحى (لم تحددهم) وفق الوكالة. وفي وقت سابق، ذكر المصدر ذاته أن مسيرة إسرائيلية حلقت بشكل منخفض فوق أجواء بلدات صرفند، السكسكية، عدلون، أبو الأسود، القاسمية، والبرغلية ومفترق العباسية جنوبي البلاد.