تحليل السياسات

أجواء لبنان مسرح للصواريخ الإيرانية المدمرة وسط استمرار الدعوات لتحييده

سعد الياس «القدس العربي»:

يبقى الحذر مسيطراً على لبنان من الحرب القائمة بين إسرائيل وإيران خصوصاً أن أجواءه تحوّلت إلى مسرح للصواريخ والمسيرات الإيرانية في مقابل الصواريخ الإسرائيلية الاعتراضية وسط مخاوف من تساقط هذه الصواريخ على المدن والبلدات السكنية، وعدم قدرة الدولة اللبنانية على الضغط على طهران ولا على تل أبيب لعدم استخدام أجوائها، وهو ما أدى إلى إغلاق المجال الجوي في مطار رفيق الحريري مرات عديدة منذ مساء الجمعة الفائت وتعليق رحلات جوية من وإلى المطار، ما أسفر عن بقاء لبنانيين عالقين في مطارات الخارج وعدم قدرتهم على العودة إلى بلدهم.
وقد ترافق الحذر اللبناني مع استمرار الدعوات من القوى الرسمية والسياسية إلى تحييد لبنان عن التورط في هذه الحرب من خلال امتناع «حزب الله» عن الانخراط فيها وعدم تسخين الجبهة اللبنانية في ظل تطمينات تلقاها مسؤولون في الدولة اللبنانية عن عدم نية «الحزب» بالتدخل في هذا الصراع العسكري واكتفائه بما صدر عنه من إدانة للعدوان الإسرائيلي وعدم تضمين البيان أي تهديد بالرد.
وزعم موقع «واللا الإسرائيلي» عن مصدر في الجيش الإسرائيلي «أن إيران تتوقع انضمام «حزب الله» إلى الحرب لكنه حتى اللحظة لم يتحرك». ولكن الخشية بقيت من دخول «طابور خامس» واستغلال هذه الحرب لإطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية، ما يستدعي مواجهة متجددة ولاسيما وسط التعبئة في ألوية الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي في الشمال حسب ما أوردت وسائل اعلام عبرية التي تحدثت عن حشد الفرقة 146 ولواء الاحتياط «القبضة الحديدية» (205) و«العتزيوني» (6) والتي ستكون بمثابة احتياطي لسيناريوهات مختلفة في الساحة الشمالية.

اتصال ماكرون وعون

وفي متابعة للتطورات المتسارعة، تلقى الرئيس اللبناني العماد جوزف عون من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تم خلاله البحث في تصاعد المواجهات الإيرانية الإسرائيلية. وأكد ماكرون للرئيس عون وقوف بلاده إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الدقيقة ودعمها لسيادته والمحافظة على الأمن والاستقرار فيه. وشكر عون نظيره الفرنسي على موقفه، مؤكداً على استمرار التشاور والتنسيق لمواكبة المستجدات.

موقع إسرائيلي يزعم توقع إيران انضمام «حزب الله» إلى الحرب «لكنه لم يتحرك»

وكان رئيس الجمهورية عرض الإجراءات الواجب اتخاذها لمواكبة تداعيات الحرب على الصعيد الأمني في خلال اجتماع وزاري أمني في قصر بعبدا، حضره وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، قائد الجيش العماد رودولف هيكل، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله، المدير العام للامن العام اللواء حسن شقير، المدير العام لأمن الدولة اللواء إدغار لاوندوس ونائبه العميد مرشد الحاج سليمان، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، رئيس شعبة المعلومات العميد محمود قبرصلي، رئيس مكتب شؤون المعلومات في الأمن العام العميد جوني الصيصا، والمستشار العسكري والأمني لرئيس الجمهورية العميد انطوان منصور، وتم التطرق إلى ما يتصل بحركة الملاحة الجوية عبر المطار في ضوء التقارير المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية.
وشدد الرئيس عون «على أهمية الجهوزية الأمنية والإدارية لمتابعة الموقف من جوانبه كافة، لاسيما لجهة المحافظة على الاستقرار والأمن في البلاد. وتقرر إبقاء الاجتماعات مفتوحة لتقييم التطورات تباعاً».

فياض: أوهام إسرائيل

في المواقف، أشار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، إلى «أننا نشهد أيامًا وساعات تاريخية مباركة، ستضع حدًا لكل أوهام الواهمين، الذين يعتقدون أن إسرائيل ومن خلفها أمريكا، قادرة على أن تفعل ما تريد».
ولفت إلى «أن منطقتنا تمر بمرحلة تاريخية حاسمة، والكيان الصهيوني، الذي اندفع بإنجازات متوحشة وإجرامية في غزة ولبنان، والذي توسّع في احتلاله لأجزاء واسعة من سوريا، واستند إلى ذلك للقول إنه يعيد هندسة الشرق الأوسط الجديد، اصطدم بالجدار الإيراني، حيث نأمل أن تتلاشى اندفاعته وأن تتحطم آماله، وأن يعود إلى حيث الحقيقة الراسخة: إنه كيان مصطنع وغريب».
ورأى «أن ما سعى إليه الكيان الغاصب في أن تشكل هذه المواجهة مع إيران منعطفًا يتوج فيه هيمنته على المنطقة، سيؤدي بإذنه تعالى إلى نتائج معكوسة، ليبدأ مسار تصحيح الاختلالات التي أصابت الشرق الأوسط، ليدفع الكيان الغاصب الثمن الذي يعيده إلى المربّع الأول».
وأكد «أن الجمهورية الإسلامية تؤكد مصداقيتها ودورها التاريخي، في أنها الدولة التي واجهت الكيان الغاصب المدعوم من قبل أمريكا وكل قوى الاستكبار الغربي، وأمطرت كيانه بالصواريخ، وتحمّلت عبء هذه المواجهة في ظل كل هذا المناخ التطبيعي والاستسلامي الذي يطبع السياسات الرسمية العربية» مشددًا على «أن إيران هي الدولة وهي الثورة، التي أخلصت في مواقفها قولاوفعلًا، إنها مع فلسطين ومع كل المقاومات الشريفة التي سعت لمواجهة الاحتلال الغاصب».

قبيسي: خيانة للوطن

وأكد نائب «حركة أمل» هاني قبيسي أن «على إسرائيل تحمل النتائج مما يجري بعد أن أشعلت الحرب في منطقتنا، وبالتالي ستبقى الكلمة النهائية للأحرار ولا يمكن أن تبقى الكلمة للمعتدين والظالمين» وقال «إسرائيل ومن يدعمها هم من يكرسون ثقافة القتل والتعدي ليكون العالم غير مستقر للسيطرة على ثروات الناس وتصبح لغة القتل مبررة أمام المعتدين». وفي احتفال تأبيني في بلدة زوطر الشرقية رأى أنه «لا يمكن أن تكون اللغة الخشبية التي تسيطر على العقول في الداخل منهاجاً حقيقياً لبعض الساسة» مشيراً إلى أن «على إسرائيل ومن يدعمها على مساحة العالم أن تتحمل مسؤولية أفعالها أكان على صعيد بلدنا لبنان وما يجري يومياً من خروقات واغتيالات لشباب جنوبيين كل ذنبهم انهم آمنوا بخط الشهداء بالدفاع عن الأرض والحدود وما تقترفه باعتدائها على الجمهورية الإسلامية واغتيالها لقادة وعلماء ومواطنين».
واعتبر «أن ما يجري هو اعتداء سافر نستنكره جملة وتفصيلاً باعتدائها على دولة ذات سيادة. نعم نستنكر ما يحصل في إيران ونقول إن هذا الاعتداء هو اعتداء على السيادة والاستقلال في ذلك البلد العزيز الشقيق على أهله ومؤسساته المدنية والعسكرية بحرب غير مبررة شنتها إسرائيل على مساحة الشرق الأوسط مكرسة لغة الفوضى واللااستقرار».

الرئيسان عون وماكرون عرضا تطورات المنطقة… و«الثنائي الشيعي» نوّها بالرد الإيراني

وأسف قبيسي «لأننا في بلدنا لبنان رغم كل الأزمات ورغم كل ما نعانيه لا زلنا نسمع اصواتاً في الداخل تنبري إلى الموافقة بطريقة أو بأخرى على ما تقوم به إسرائيل أكان في لبنان او ما يجري على الجمهورية الإسلامية، وهي اصوات توحي بأنها موافقة على ما تقوم به إسرائيل من قتل واغتيال لخيرة شبابنا داخل بلداتهم وقراهم».
وتابع «نحن نفهم مساحة الخلاف على مساحة لبنان الداخلي ولا يمكننا سماع أصوات ورؤية مقالات وكتابات تدعم الصهاينة ويقولون بأن إيران عليها أن تتحمل مسؤولية ما قامت به. فيصبح هذا الكلام سياسياً خيانة للوطن ونحن لا نريد لبلدنا الا أن يكون وطن العدالة والمساواة، وطن الوحدة الوطنية الداخلية، ولكن مع الأسف هناك بعض اللبنانيين لا يؤمنون بهذا المفهوم ولا يريدون أن تكون الحرب مع إسرائيل داعية أساسية للوحدة الوطنية الداخلية».

قبلان: فرصة لا تتكرر

واعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن إيران تقدّم للعرب والدول الإسلامية فرصة تاريخية لا تتكرر، كما أنها تعيد وضع العرب والدول الإسلامية في قلب المعادلة التاريخية، واللحظة لحظة خيارات، وتركيا وباكستان والسعودية ومصر معنية بكتابة التاريخ، ولا شيء يهم أمريكا بهذه المنطقة إلا النفط وإسرائيل والإطباق على أنفاس الدول العربية والإسلامية» وقال في بيان «إن اللحظة للخيارات التاريخية، وأي تضامن كبير من قبل تركيا وباكستان ومصر والسعودية مع إيران يشلّ يد أمريكا ويعطيها فرصة الخلاص من أخبث كيان صهيوني مصطنع بهذه المنطقة، وفي الوقت نفسه يعيد تحرير الشرق الأوسط من قبضة واشنطن. وبكل صدق وصراحة أقول: الخلاص التاريخي الآن يمر من باب طهران، وعدم التضامن مع إيران بهذه الحرب المصيرية يعني خسارة العرب والدول الإسلامية للفرصة الوحيدة وللأبد». ورأى قبلان «أن التحديات الآن وجودية، ونصيحة تاريخية للعرب والدول الإسلامية المبادرة الآن، لأن الرد الإيراني كشف زيف إسرائيل ووهنها وانكشافها تحت الضربات الإيرانية التاريخية، وحتى الآن الرد الإيراني تصاعدي، واللحظة بين يدي العرب والدول الإسلامية لقراءة الشرق الأوسط بخلفية أن إسرائيل سرطان، وأن الهيمنة الأمريكية بالوعة نار وخراب ونهب حوّلت دول المنطقة إلى حطب، وأن التطبيع بالنسخة الأمريكية الصهيونية مرض خبيث سيبتلع العرب ويأتي على آخر الدول الإسلامية، والثابت المطلق في هذه الأيام أن الرد الإيراني نسف نظرية القَدر والهيمنة، ورغم حزام الدعم الأمريكي الأطلسي إسرائيل تلفظ أنفاس عظمتها تحت وطأة القوة الإيرانية المدمرة».

بهاء الحريري: طهران العدوانية

في المقابل، اعتبر الشيخ بهاء رفيق الحريري أن «ما يحدث اليوم بين إيران وإسرائيل ليس إلا نتيجة طبيعية لسياسات طهران العدوانية خلال العقود الماضية».
وكتب على منصة «أكس»: «دعم الميليشيات، وتصدير الأزمات، وزرع الفوضى في دول الجوار جرّ المنطقة إلى شفير الانفجار» مضيفاً «المرحلة اليوم تتطلب من شعوبنا النظر بحكمة إلى ما يجري والتخلي عن إيران وسياساتها، وبناء مجتمع يتميز بالاعتدال بين أبنائه ويسعى للاستقرار والبناء لا للدمار والطائفية والعنصرية».
أما سينودس أساقفة الكنيسة المارونية الذي انعقد في بكركي، فقد تابع «باهتمام كبير تسارع الأحداث السياسية والديبلوماسية في الشرق الأوسط وما يمكن ان تنعكس تأثيراتها على لبنان. ويجدون في الدعم الدولي للبنان ولحكومته فرصة، لا يمكن أن تتكرر ولا يجب أن تضيع، بل ينبغي أن يستفيد منها أركانُ الحكم، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية، ويتخذوا خطوات جريئة وحازمة وحاسمة ينتظرها جميع اللبنانيين على صعيد تعافي الدولة وحصرية مرجعيتها في شؤونهم المصيرية والحياتية».
وأضاف السينودس «يلفت الآباء انتباه السياسيين والأحزاب والكتل النيابية الى الأهمية القصوى المعلقة على متابعة تنفيذ وثيقة اتفاق الوفاق الوطني وسد الثغرات فيما نُفّذ منها استنسابيًا.
وهذا يحتاج في رأيهم الى إطلاق مسيرة وطنية لتنقية الذاكرة، كان من المفترض أن تحصل بين اللبنانيين بعد اتفاق الطائف لتضع حدًا نهائيًا للحرب».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى