تحليل السياسات

لبنان: تصعيد إسرائيلي في الجنوب وغارات عنيفة في النبطية تسقط شهيدة والعديد من الإصابات

سعد الياس «القدس العربي»:

يستمر التصعيد الإسرائيلي المتدرج في جنوب لبنان وشهد جبل علي الطاهر والتلال المحيطة بالنبطية الفوقا وكفرتبنيت سلسلة غارات عنيفة بلغت نحو 20 غارة، أعقبها غارتان بين الزرارية وأنصار واستهداف شقة سكنية في حي الجامعات في النبطية. وقد ألقت الطائرات الإسرائيلية صواريخ ارتجاجية على التلال أحدث انفجارها دوياً هائلاً، وبعد أقل من عشر دقائق جدّد الطيران المعادي غاراته العنيفة على المنطقة نفسها.
وكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عبر حسابه على «أكس»: «هاجمت طائرات جيش الدفاع الحربية موقعًا كان يستخدم لإدارة أنظمة النيران والحماية لحزب الله في منطقة جبل شقيف في جنوب لبنان». وقال «يُعد هذا الموقع جزءاً من مشروع تحت الارض تم إخراجه عن الخدمة نتيجة غارات جيش الدفاع في المنطقة حيث رصد جيش الدفاع محاولات لإعادة إعماره ولذلك تمت مهاجمة البنى التحتية الإرهابية في المنطقة». وزعم أدرعي «أن وجود هذا الموقع ومحاولات إعماره تشكل خرقاً فاضحاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان»، مؤكداً «ان جيش الدفاع لن يتسامح مع محاولات حزب الله العمل داخل الموقع وسيواصل العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل».
وأثار العدوان الجوي أجواء من التوتر والهلع في مدينة النبطية وبلدات كفرتبنيت، النبطية الفوقا، كفررمان، ولاسيما بعد إصابة شقة سكنية في حي الجامعات الذي يشهد حركة ناشطة حيث تحركت سيارات الإسعاف في الشوارع بشكل مكثف، وتحطم زجاج عشرات المنازل في بلدات كفرتبنيت والنبطية الفوقا ودوحة كفررمان، واستشهدت في الشقة المواطنة عفاف شحرور التي وصلت منذ أيام إلى النبطية من ألمانيا لزيارة عائلتها.

إصابات في النبطية

كما تسببت الغارات بإقفال طريق النبطية -الخردلي بفعل الأحجار والردم الذي تطاير عليها جراء عصف الغارات القريبة منها، واندلعت حرائق في أحراج علي الطاهر والدبشة.
وفي وقت لاحق، قال أدرعي «بعد الغارات التي شنها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان على موقع لحزب الله استخدم لإدارة النيران والحماية، وردت تقارير لبنانية عن إصابة مبنى مدني ووقوع إصابات». فادعى «ان الجيش الإسرائيلي لم يستهدف أي مبنى مدني حيث وبناءً على المعلومات الموجودة بحوزتنا فإن المبنى تعرّض لإصابة قذيفة صاروخية كانت داخل الموقع». وفي سياق الانتهاكات الإسرائيلية، ألقت مسيّرة قنبلة صوتية بجانب آليتي «بيك آب» في بلدة راميا أثناء قيامهما بتحميل خردة حديد، دون تسجيل إصابات.

أدرعي يتنصّل من قصف شقة سكنية ويدعي مهاجمة موقع لـ«حزب الله»

وكانت القوات الإسرائيلية أطلقت بعد منتصف الليل، قذيفتي مدفعية استهدفتا حي شواط في بلدة عيتا الشعب، سبقها إلقاء قنبلتين من مسيّرة معادية على المنطقة. تخلل ذلك، إطلاق قذيفة هاون استهدفت تلة هرمون، وعملية تمشيط لمحيط التلة في القطاع الأوسط.
إلى ذلك، قام الجيش الإسرائيلي ليلاً، بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة في اتجاه أطراف بلدة شبعا. تزامن ذلك مع رصد تحركات لآليات إسرائيلية في محيط بركة نقّار عند اطراف شبعا، والتي ترافقت مع تمشيط كثيف بالرصاص وأعمال حفريات في المنطقة، وتسببت باندلاع النيران في محيط البركة.

عون وسلام يدينان

وقد دان رئيس الحكومة نواف سلام «بشدة الاعتداءات الإسرائيلية في محيط النبطية»، وأكد عبر منصة «أكس» أنها «تمثّل خرقاً فاضحاً للسيادة الوطنية ولترتيبات وقف الأعمال العدائية التي تم التوصل إليها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، كما تشكل تهديدًا للاستقرار الذي نحرص على صونه».
أما رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي اطلع من قائد الجيش العماد رودولف هيكل على التطورات الأمنية وإجراءات الجيش، فقد تابع تطور الاعتداءات الإسرائيلية التي تعرضت لها منطقتا النبطية وإقليم التفاح قبل الظهر، ولا سيما القصف المدفعي والصاروخي الذي استهدف الشقق السكنية والاحراج والتلال، معرباً «عن إدانته الشديدة لاستمرار إسرائيل في اعمالها العدائية منتهكة بذلك سيادة لبنان والاتفاق الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني الماضي».
وقال الرئيس عون: «يبدو أن إسرائيل ماضية في استهداف الاستقرار في الجنوب على رغم المواقف المحلية والعربية والدولية التي تدين ممارساتها العدائية، وكأنها بذلك تضرب عرض الحائط بالقرارات والدعوات إلى وقف العنف والتصعيد في المنطقة الأمر الذي يستوجب تحركاً فاعلاً من المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الاعتداءات، لا سيما من الدول التي رعت اتفاق تشرين الثاني الماضي وأيّدت مندرجاته وخصوصاً الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا، علماً ان التصعيد الإسرائيلي لن يخدم الجهود المبذولة في الداخل والخارج من أجل تثبيت الاستقرار في لبنان ودول المنطقة».

عودة توم برّاك

وتأتي هذه الغارات بعد استئناف مسلسل الانتهاكات الفاضحة لاتفاق وقف النار مع الاحتلال قبل عودة الموفد الامريكي توم برّاك المرتقبة في 7 تموز/يوليو المقبل لتلقي الرد اللبناني على ورقته التي تتعلق بموضوع احتكار الدولة اللبنانية للسلاح وضرورة الالتزام العملي ببرمجة نزع السلاح من دون أي لبس.
وفيما يتعلق بموضوع حصرية السلاح، أكد وزير العمل محمد حيدر المسمى من قبل «حزب الله» أن «الحكومة لم تبلغ الوزراء ولم تضع موعداً رسمياً أو جدولاً بشأن قضية حصر السلاح بيد الدولة»، مشيراً إلى «عدم وجود اختلاف في وجهات النظر في هذا الموضوع، والجميع متفق على نزع السلاح ضمن خطة شاملة برعاية رئيسي الجمهورية والحكومة»، قائلاً: «إن الحديث عن مهلة العاشر من تموز هو كلام في الإعلام فقط».
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدواناً على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.

عون وسلام يدينان بشدة الأعمال العدائية… والخارجية تطلب التجديد لـ«اليونيفيل»

ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ارتكبت إسرائيل نحو 3 آلاف خرق له، خلّفت ما لا يقل عن 215 شهيداً و508 جرحى، وفق إحصاء لوكالة الأناضول استنادا إلى بيانات رسمية لبنانية. وفي تحد للاتفاق، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحاباً جزئياً من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها في الحرب الأخيرة.
ورأى المجلس التنفيذي لـ«مشروع وطن الإنسان» في بيان، بعد اجتماعه برئاسة النائب نعمة أفرام، «أن الورقة التي سلّمها الموفد الأمريكي توم برّاك إلى المسؤولين اللبنانيين، تعبّر بوضوح عن مدى الحزم الذي يبديه المجتمع الدولي تجاه لبنان، وتتضمن طلباً صريحاً بأخذ الموقف الموحد وببلورة رؤية واضحة المعالم للطريق الواجب سلوكه في المقبل من الأيام». واعتبر «أن الخطر الأكبر يكمن في أن يُستغل البطء الحاصل في الالتزام والتنفيذ السريع لمندرجات القرار 1701 كمصيدةٍ محكمة، تُقصينا عن المعادلة الإقليمية، وتهدد الكيان اللبناني برمته». وأضاف: «إننا اليوم في قلب مرحلة تحوّل مصيرية، تتطلب منا كلبنانيين حسم خياراتنا الوطنية والارتقاء إلى مستوى التحديات. وعلينا أن نثبت للعالم، قولاوفعلاً، أننا دولة تسعى إلى قيام وطنٍ سيّدٍ مستقلٍ في قراره وفي خياراته السياسية».
تزامناً، وبناء على قرار مجلس الوزراء اللبناني الصادر في جلسته بتاريخ 14 أيار/مايو 2025، وجهت وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، رسالةً إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش تطلب بموجبها تجديد ولاية قوات اليونيفيل لمدة عام اعتباراً من 31 آب/أغسطس 2025».

التجديد لـ«اليونيفيل»

وأكدت الوزارة في رسالتها «تمسك لبنان ببقاء قوات اليونيفيل والتعاون معها، ومطالبته بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية التي تحتلها ووقف انتهاكاتها المتواصلة لسيادته ووحدة أراضيه».
وفي موضوع تهريب السلاح، أعلن الجيش اللبناني، اليوم الجمعة، عن إحباط عملية تهريب قذائف ومذنبات في منطقة بسيبس-الهرمل شرق لبنان، من الأراضي السورية إلى لبنان.
وقال بيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني اليوم إن «دورية من مديرية المخابرات تمكنت أمس الخميس من إحباط عملية تهريب قذائف ومذنبات من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية في منطقة بسيبس – الهرمل، وضبطت كمية منها». وتم تسليم المضبوطات، وجاري المتابعة لتوقيف المتورطين».
كان عدد من القرى والبلدات الحدودية مع سوريا شرق لبنان، قد تعرض في مارس /آذار لقصف مصدره الأراضي السورية، وأسفر عن مقتل سبعة مواطنين، وجرح 52 آخرين، ورد الجيش اللبناني على مصادر النيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى