
إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا”. حبّذا لو يتذكّر بعضهم هذا القول، ويتراجعون عن الخطأ الذي يعلمون أنهم وقعوا فيه. وقد بات أيضًا معلومًا وواضحًا لدى الرأي العام اللبناني وبتأكيد من حقوقيَّين مشهود لاسميهما وسمعتهما المهنية، حجم “المؤامرة” التي أحيكت ضد Betarabia و “كازينو لبنان”. فالقضية “فارغة” قانونيًا من أي أسس.
بعيدًا من مواقفه السياسية وموقعه الحزبي (الذي شخصيًا قد أختلف أو أتوافق معه فيها وهذا ليس الموضوع) لكنّ النائب السابق إدي معلوف كتب تغريدة تلخّص كلّ شيء: “أبشع شي وقت قاضي (ة) يخبص بشي ملف ويصيروا زملائه (ا) عم بحاولوا يكحلوا الغلطة أو يتهربوا من البت فيها تيخففوا من وطئة الفضيحة على زميلن أو زميلتن. وبهالوقت الموقوف ظلمًا مكبوب بالحبس بحرارة 40 درجة!!! خافوا الله”.
فضيحتان متكاملتان جديدتان تتكشّفان في هذه القضية التي بنى الادّعاء فيها ادّعاءه على تقرير خبير “مشبوه”. الفضيحة الأولى: تحقيق جرى في أمن الدولة ينسف تقرير “الخبير المشبوه” وبحضور الخبير ذاك، وتمّ إخفاء محضر التحقيق عن القاضي طارق بو نصّار (حتى اللحظة)، والفضيحة الثانية: أنّ الخبير المشبوه الذي بنى الادّعاء على تقريره المفصل “غبّ الطلب” تبيّن أنه “خبير من دون خبرة”. وهذه المقالة نضعها أيضًا بعهدة المجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل ورئيس الجمهورية والقاضي النزيه طارق بو نصّار لإنهاء هذه المسرحية المضرّة بالقضاء وسمعته وبلبنان كدولة قانون وبكل مواطن بريء ينتظر العدالة.
“تحقيق حاسم”… في درج القاضية
أكّدت مصادر موثوقة أنه لم يتمّ تحويل محضر تقرير حاسم ومصيريّ في هذه القضية إلى قاضي التحقيق طارق بو نصّار وبقي (حتى اللحظة) عالقًا لدى المحامي العام المالي. في هذا المحضر “المغيّب” نتائج استجواب خبراء تقنيين من “كازينو لبنان” وشركة betarabia، والذي تلاه إطلاع الخبير “المشبوه” على تفاصيله حيث يتبيّن من الاستجواب أنه لا ولوج لشركة OSS على خادم (SERVER) “كازينو لبنان” أو خادم AWS وبالتالي لا قدرة لشركة OSS أو BETARABIA على التلاعب بالـ data . هذا الأمر أربك الخبير “المشبوه” لا سيّما أنه تمّ إجراء اتصال مع شركة TG lab (المزوّد الأساسي للمنصة) وأكدت ما تمّ ذكره أعلاه.
خبير مشبوه… ومن دون خبرة
بعد التدقيق في معطيات تمّ الاستقصاء عنها وتقاطعت مع السيرة الذاتية للخبير نفسه الذي يشاركها بنفسه على وسائل التواصل، يتبيّن التالي:
– الخبير المشبوه ليس مهندسًا ولا ينتمي إلى أي نقابة لا سيّما نقابة خبراء المعلوماتية، وقد استحصل على شهادة في علم الحواسيب عام 2016 من إحدى الجامعات “المستحدثة”. وفق حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يمارس وظيفة IT manager منذ عام 2005 في إحدى المؤسّسات غير الحكومية والتي لا تعنى بمواضيع المعلوماتية. بالتالي، فإنّ عمل هذا الخبير في السنوات العشرين الأخيرة اقتصر على مساعدة أي موظف عند مواجهة صعوبة في استعمال الـ computer الخاص به (بمعنى أنها أعمال تقنية بسيطة لا معلوماتية). هذا الأمر يطرح شكوكًا محقّة حول خبرته ومعلوماته ومهاراته في مجال التطبيقات المعلوماتية والبرامج وكيفية استعمالها software.
تقرير “خبير من دون خبرة” أصدق من تقرير “خبيرين مشهود لهما”
في المقابل، هناك تقرير في هذه القضية لخبراء مشهود لهم ولخبرتهم تمّ تحييده، لصالح التقرير المشبوه.
فالتقرير الأول الذي خلص لعدم وجود أي اختلاسات أو تلاعب، قام به خبيران مخضرمان:
الخبير الأول: خبير محلف لدى المحاكم ومعروف بخبرته في مجال تكنولوجيا المعلومات منذ 20 عامًا ويقدّم استشارات للشركات وللجهات الحكومية في هذا المجال. هذا ما كشفته استقصاءات صحافية وتقاطعت مع ما هو منشور أيضًا على حسابه على موقع الـ Linkedin.
الخبير الثاني: مهندس نال شهادته في هندسة المعلوماتية من كلية الهندسة في جامعة القديس يوسف العريقة، مسجل لدى نقابة المهندسين، خبير محلف منذ ما يقارب الثلاثين عامًا لدى المحاكم اللبنانية. والأهم من كل ذلك هو أنه خبير في تطبيق Linux.
الجدير بالذكر أن تحقيق “الخبير المشبوه” مبنيّ على افتراءات متعلّقة بتطبيق Linux الذي تعمل عليه خوادم “كازينو لبنان”، والتي خلص بموجبها إلى اعتبار أن هناك تلاعبًا بالـ Data ، بيد أنّ الخبير المجاز والمهندس المتخصص فعلًا بهذا التطبيق أكد وشدّد بتقريره على أنه ليس هناك أي تلاعب أو إمكانية للتلاعب.
فالسؤال الرئيسي الذي يوضع برسم المعنيين في وزارة العدل هو كيف للنيابة العامة المالية أن تقرّر الادّعاء باختلاس أموال عمومية على أساس تقرير قام به خبير مشبوه وأصدره بعد يومين على تكليفه بشكل واضح أنه غبّ الطلب، من دون طرح أي سؤال لجهة التناقضات بين هذا التقرير والتقرير الأول الصادر عن مهندسين ومختصين في المجال؟
من المستغرب والمثير للشكوك والريبة، أن النيابة العامة المالية قرّرت في ملف بهذا الحجم والذي أصبح قضية رأي عام، الاعتماد على تقرير خبير مشكوك في خبرته ومهارته وعلمه وشهاداته، بدلًا من تقرير ذوي الخبرة المشهود لهما لأكثر من 20 عامًا من قبل المحاكم، في ملف يحتاج إلى دقة وتدقيق تقني ومهني عالي المواصفات للوصول إلى الحقيقة وإحقاق العدالة كونها الرسالة الأساسية والسامية لأي قاضٍ يتمتع بضمير مهني.
ففي هذه القضية والمعوّل فيها على القضاء النزيه، لا سيّما قاضي التحقيق، والتي ستضع حجر الأساس لنجاح التشكيلات القضائية الجديدة التي طال انتظارها، فإنّ القضاء أمام امتحان جدّي بتصحيح المسار غير الصائب المعتمد من النيابة العامة المالية بالإنابة، كما يجب أن يطلب القاضي طارق بو نصّار بشكل حازم من الضابطة العدلية التي تابعت تحقيقاتها رغم وضع يده على الملف، تسليمه دون إبطاء، المحضر الذي تمّ فيه تفنيد الخبرة الفنية حين تمّ التواصل مع الشركة المشغلة للمنصة TG LAB والتي أكدت “عدم معرفة الخبير المشبوه بأي شيء تقني في هذه القضية” ودحضت TG LAB كلّ أقواله الواردة في تقريره.
باتت هذه المعلومات أيضًا في عهدة مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل والقاضي النزيه طارق بو نصّار لأخذ العلم وإجراء المقتضى القانوني.