
سماحة شيخ العقل رحّب بزيارة البابا لاوُن واعلن اطلاق شراكة اقتصادية وتنموية: لرؤية مشتركة للمسؤولين بمواجهة المخاطر وتضامن داخلي مع المبادرات الروحية والوطنية
اعتبر سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى ان الوطن يحتاج اليوم الى جميع طاقاته على كافة المستويات للنهوض وعودة الامل اليه والثقة به، معتبرا ان شعار الشراكة الروحية الوطنية الذي أطلقناه، واي مبادرة مثيلة تعكس الايمان الفعلي بالبلد، وتعزيز التضامن الداخلي المطلوب، ودعم الدولة هي عناصر قوة لبنان، في ظلّ التحديات والضغوط السياسية والمخاطر الأمنية التي تواجهه راهناً، داعيا اركان السلطة الى رؤية موّحدة وعمل مشترك مع المجتمع الدولي لتجنيب الوطن حرباً جديدة، معتبراً ان زيارة البابا لاوُن الرابع عشر ستكون يمثابة دعم للبنان.
كلام سماحة شيخ العقل جاء في حديث اذاعي ضمن برنامج “صالون السبت” على اذاعة الشرق مع الزميلة “وردة”، آملا، ردا على سؤال، “بصباح جديد ومشرق للوطن وبأن تبقى إرادة الحياة اقوى، وهذا ما نعمل عليه مع الأخوة في القيادات الروحية ومع القيادات السياسية، رغم كل ما يحيط بنا من تحديات وإنذارات وتهديد”. مشددا على اهمية الشعار الذي طرحه “الشراكة الروحية والوطنية” الذي نغلّب من خلاله ايضا مبدأ الجمع على موضوع الفرقة والتباعد، اذ لا بد من مبادرات في هذا السياق لاجل بناء المستقبل، وسط الاجواء المقلقة والتحديات، وعلى كل إنسان ان يبادر من موقعه، كما المسؤولون والرؤساء والقيادات السياسية، كلٌّ بحسب دوره، لإيجاد قواسم مشتركة للحلول والمعالجات لنتطلع من خلالها نحو مستقبل مشرق. اننا من موقعنا الروحي نبادر لذلك، وعندما أطلقنا عنوان “الشراكة الروحية الوطنية مظلة الإصلاح والإنقاذ”، حاولنا اعطاءه البعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي ايضا”.
وردا على سؤال اكد سماحة شيخ العقل “العمل مع الرهبانية اللبنانية المارونية لتوقيع اتفاقية تعاون مشترك للتنمية الاقتصادية في الجبل، وقد خطونا بذلك خطوات سيُعلن عنها في الخامس من تشرين الثاني المقبل في لقاء جامع في دار الطائفة، بحضور العديد من النخب والشخصيات الوطنية. نطلق المشروع الأول في الجبل على أرض تابعة لأوقاف الرهبانية اللبنانية المارونية، كمقدمة لمشاريع أخرى على أراضٍ وقفية درزية ومارونية وغيرها، بما يفتح المجال أمام العائلات الروحية الباقية لتكرار هذا النموذج. الهدف هو التنمية الاقتصادية، وتثبيت الناس في أرضهم، وإعادة المهاجرين والمهجرين كي يشكلوا قوة مشتركة في بناء هذا الوطن وفي التنمية المطلوبة، لبنان يُبنى بالشراكة وبالأمل وبالعمل المشترك، لا باليأس والانقسام، والإصلاح ايضا يبدأ بالمبادرات، كل من موقعه ومن كل طائفة ومع كل إنسان مؤمن بوطنه”.
ونوّه ردا على سؤال “بالصناعة الوطنية وبالإنجازات اللبنانية، فالأمل بالشباب المتخصص والمثقف والمتعمق في التكنولوجيا والاختصاصات لتطوير بلدهم، الذي يحتاج إلى طمأنة ورعاية الدولة. لبنان ليس ضعيفا بأدمغته وطاقاته وقدرات ابنائه الفائقة. لذا، من الضروري الاستمرار والمتابعة وعدم التراجع وتضافر الطاقات جميعها. عندما أطلقنا مشروع الشراكة الروحية الوطنية بالتشاور مع كبار المسؤولين، لم يكن هدفنا خاصا وانما وطنيا عاما، وكانت هناك ندوتان في عاليه وحاصبيا لتعزيز هذا المفهوم والتأكيد على ضرورة التعاون لتثيبت اسس الدولة وتفعيل مؤسساتها، والان نطرح المشروع الاقتصادي الاول في الجبل ايضا لكي يستقطب رجال أعمال واصحاب رؤوس أموال، علّنا نساهم في البناء المطلوب، وهذا تحدٍ ونحن نرفع التحدّي ثقافيا وعملياً على الأرض”.
واذ نبّه سماحة شيخ العقل من التوترات المتصاعدة التي يعيشها لبنان والمنطقة، شدد على “اهمية المبادرات الوطنية الجامعة المنطلقة من اسس الحوار والإيمان الوطني كسبيل لإنقاذ لبنان، مع التشديد على أهمية التضامن الداخلي والشراكة والوحدة، في مواجهة تلك الضغوطات والتهويلات الخارجية، لا سيما بين القيادات الروحية والسياسية عموما”.
واثنى على “الخطوات الآيلة الى تجسيد رسالة لبنان الحضارية”، مشيرا في هذا الاطار إلى “أهمية زيارة قداسة البابا لاوُن الرابع عشر المقررة إلى لبنان، بما يمثل من رمز عالمي وروحي، تأكيدا على مميزات لبنان الحضارية وعلى التلاقي والحوار”. ورأى ان إسرائيل تمارس شتى انواع التهويل الإعلامي والسياسي والعسكري بهدف الضغط على لبنان، ومنع إعادة الإعمار فيه والقبول بالشروط المفروضة عليه، وكل ذلك يتطلب في المرحلة الراهنة تماسكاً داخلياً، ورؤية موحدة بين القوى اللبنانية، وتفعيل دور الدولة، بدلا من انتظار الظروف الخارجية”.
وحول سلاح حزب الله ودور الدولة بهذا الخصوص، تساءل سماحة شيخ العقل: “كيف ستصبح الدولة قوية إذا بقي فريق ما مسلحا خارج سلطتها؟ فحصرية السلاح ضرورية لإعادة الاعتبار للدولة، ولكن الأمور في لبنان تحتاج الى حكمة في التعاطي، وعلى الكل أن يقدّموا التنازلات وأن يتقدّموا إلى الأمام، أما مقولة: عندما تصبح الدولة قوية نسلِّم سلاحنا، وعند الاتفاق على استراتيجية دفاعية، وما شابه، فهذه الشروط يمكن أن تنسحب على عناوين أخرى، ولو كانت أقل أهمية، في التربية، في الاقتصاد، في الأمن الداخلي وفي العلاقات الخارجية، اذ لا يمكن التقدم والتطور إن لم نساهم ونساعد الدولة على بسط سلطتها في جميع المجالات، واذا بقينا ننتظر ظروفا معينة، مع ادراكنا لحجم التحديات الامنية والمخاطرالحربية المتأتّية من اسرائيل، فالتصعيد الإسرائيلي هدفه الضغط على لبنان ومنع إعادة الإعمار قبل إخضاع لبنان لشروط اسرائيل، وبالتالي منع حزب الله من إعادة تكوين قوته، كذلك الامر بالنسبة للتصريحات والرسائل الخارجية، التي اعتاد لبنان عليها.
واذ شدد سماحة الشيخ ابي المنى على “اهمية حوار الأديان والحضارات، كسبيل لترسيخ السلام العالمي، خاصة في عالم تسوده التكنولوجيا، بما في الامر من تحديات غير مسبوقة ومكمن التحدي الأكبر اليوم، بعدما اصبحت التكنولوجيا تتحدى جوهر الإنسان، وتطرح سؤالًا وجوديًا: أين موقع الإنسان في عالم الآلات والذكاء الاصطناعي، بل بين الروح الإنسانية والتطور المادي المفرط. علينا اذا بالعودة الى الاصول وبان نستقي من معين الاديان ونسمع صوت الحق لإقامة القسط والعدل في هذا العالم”.
وحول شعار الشراكة الروحية والوطنية، رأى انه “مسار طويل ورافعة روحية ووطنية اضافة الى اقتصادية وتنموية على طريق بناء الوطن، وتلك تجربة مهمة، سنوقع الاتفاق في الخامس من الشهر المقبل بحيث تكون المدماك الاول لمشاريع أخرى وربما لشراكة مع طوائف اخرى وليس فقط بين مشيخة العقل والرهبانية المارونية، وسيعمل بذلك اصحاب الاختصاص ومن كافة الطوائف، تعزيزاً لمصالحة الجبل. نحاول جهدنا ونريد الحياة للوطن، ودعواتنا ترتفع دائما لتعزيز الوحدة وبث الروح الوطنية”.
وحول مشروع الرئيس عون، قال: “ان خطاب القسم لفخامة الرئيس طرح عناوين تحمل الامل للبنان، نأمل ان يتحقق لخير هذا البلد”.
وختم سماحة شيخ العقل بخصوص زيارة قداسة البابا للبنان، “ننتظر الزيارة بأمل ورغبة آملين أن تكون زيارة جامعة ومباركة على طريق سلامة لبنان وقيامنه، وبما يؤكد على رسالة الوطن ووحدته، والزيارة ليست فقط كنسية، بل لدعم الوطن وتعزيو الشراكة الروحية الوطنية فيه”.


