أخبار محلية

*وليد جنبلاط – صدّاح في زمان الوخوخة*

_دانيل عبد الخالق

كعادتي أضطر أن أبدأ بالتبرير المسبق لما أكتبه، وقاية من ألسنة بعض الأفاعي المندسّة في الزوايا المُظلمة من مجتمعنا، مجتمعنا الذي ما تعوّد إلا أن يكون متوهّجا فملأت بصماته صفحات التاريخ. أبرّر قلمي أمام بعض حملة الأفكار الضيقة أو المتقوقعة التي تُحَمّل الدين كل أوزار الحياة وسياساتها، تبريرا لكسل عقولهم في مجاراة الواقع وتخديرا للمتضرّرين من تقصيرهم خدماتيا، ورغم تأكيدي مرارا أن ما أكتبه يصب حتما في مصلحة عموم طائفة الموحدين وليس في مصلحة زعيم محدّد (إلا اذا كان انجاز هذا الزعيم واضحا مصبّه في المصلحة العامة فأذكر اسمه دون حرج أو خجل).. هنا لا أقصد المشايخ والعقلاء بل بعض المزايدين عن جهل أو محدودية أو قلّة معرفة، يظنّوننا سُذّجا قد نسمح لهم بتطويع الدين خدمة لتقصيرهم وتراخيهم أو إعانة لهم في سياستهم فيستعملونه سهما مُوجعا في كنانتهم يُصوّبونه نحو خصمهم.. هولاء الذين لا يقبلوا لنا كرجال دين أن نذكر اسم زعيم في كلامنا حتى ينعتوننا بعلماء السلطان والمنتفعين ولو كان كلامنا في معرض التقدير والتشجيع لعمل أو مشروع نراه خيرا.
من منا لا يعرف نجاح وليد جنبلاط سياسيا؟ وهل ما يحصده في الإنتخابات الا نتيجة لسياسته؟ أكُنتَ مُحبّا أو مُعارضا أو كارها له فإن ذلك لا يُغيّر في الواقع والتوازنات شيئا، ما يُغيّر الواقع هو حجم الأصوات في الصندوق ولا زالت نتائجه في أذهاننا. وهنا بعض الطروحات والأسئلة أوجّهها الى المزايدين تحت أسماء مستعارة:

*1* – إذا الناس أعطت صوتها له فهل فعلا يُخيّل لكم أننا نستطيع التأثير على زعامته عبر محاسبته على مخالفات دينيّة مثلا؟ وهل تروننا نجول بين الناس مندّدين بمخالفاته وواضعين حُرما على من ينتخبه؟ هل طالبتمونا يوما بهذا لما كانت هذه المخالفات تضرّ بخصومه؟ وقبل هذا، هل طرح وليد بيك نفسه يوما كوليٍّ فقيهٍ لنا فنقيس أفعاله بميزان الدين؟ كلا إن هذا لمن السخافة والسذاجة في ميزان الواقع لن نشعر بالإحراج في ردّه عليكم مهما حاولتم. ووليد بيك هو زعيم بفعل ثقة الناس ورصيده الذي تكوّن من سياساته وخدماته وقيادته، ولتكن مواجهتكم له من هذا الباب.. خصوصا وأنكم تعلمون جيدا ويقينا أن التلويح بسيف الدين يطالكم انتم أيضا بشفراته الأخرى وفي مواضع أخرى فيكم.
*2* – ذكرتُ غير مرّة عن فضل وليد جنبلاط في مساندة الخط الديني السليم الذي شدّد عليه الأمير السيد جمال الدين التنّوخي، وذكرت أنه من المحتمل أن تكون دوافعه الى ذلك غير دينية وليس من باب الإلتزام بوصايا الأمير السيد، واختصرت هذه المساندة بدعم العرفان ومنهجها الاسلامي التوحيدي أولا، ثم دعم المجلس المذهبي ومشيخة العقل في نهجهما المعلوم وملحقا بهما معهد عبيه الجامعي للعلوم التوحيدية، وقام بالخطوة الجبّارة التي ما تجرّأ عليها أحد بعد عصر الأمير السيد فأعاد إعمار المسجد في دارته.. فهل يظنّ أحدكم أنه بعد كل هذا المسار الناجح ولغاية في نفسه ولضعف في سياسته وتضعضع في وجودة وخساسة في أسلوبه، يظنّ أنه سيستعملنا كرجال دين ويستغلّ عواطفنا وإيماننا ليسجل هدفا في مرمى وليد جنبلاط مع ما يتطلّبه دخول هذا الهدف من نكران لحسن السياسة وصواب الرؤية وجرأة الإقدام وسخاء الدعم؟
3- بخجل أرد على اتهام بعضهم لوليد جنبلاط بنشر كتب دينيّة سيّئة المضمون، فهل داعم المؤسسات التي لها جانب ديني أي العرفان والمجلس المذهبي ومشيخة العقل ومعهد عبيه يحتاج الى اعتماد أساليب رخيصة مخابراتية لإيصال توجّهاته؟ أي عاقل تنطلي عليه هكذا تهمة؟.
أختم بالقول أن ما كتبته دفاعا عن وليد بيك هو وفاء لرجل حمل على منكبيه ما تكأكأ عنه غيره، ولئن قام غيره بجزء مما قام به لسال قلمي في شكره وتقديره، وأشعر بالخجل من العقلاء منكم حيث استفزّني اسم مستعار ظاهره علوان وباطنه سفلان فكتبت هذه المُطوّلة، لكن آن الأوان لكسر أقلام الإنتهازيين المتوارين الذين لا يتورّعون عن استعمال الدين وأهله فيما يظنَونه خدمة لتوجهاتهم السياسية، فمواجهة وليد بيك تكون في السياسة لا في ما أصاب به من دعم لمسلك ديني سليم ينطبق على وصايا الأمير السيد، وعلى كل واحد منا واجبان إثنان، واجب تجاه نفسه يُحاسب عليه وحده أمام ربه يوم دينونته، وآخر تجاه مُجتمعه يحق للمجتمع أن يحاسبه عليه، فكفاكم وخوخة إني عزمت على ردّ نفاقكم الى نحوركم صداحا لا يعرف الخفتان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى