تقع سن الفيل شمالي شرقي بيروت، وترتفع 50 م عن سطح البحر، وهي تتشكّل من أربعة أحياء كبرى هي: البلدة – الحي الجديد – الحرج – جسر الباشا، وعدد سكانها 100 ألف نسمة تقريباً. وقد اختلفت الأراء حول تحديد ماهية كلمة سن الفيل: فالنظرية الأولى تقول بأن إسم ” سن الفيل “، يعود الى أصول سريانية “شان دافيلا” أي لون العاج وذلك نظراً لتربتها البيضاء، أما النظرية الثانية فتعيد الإسم الى اسم تيوفيل، وهو قديس عاش خلال الحقبة الصليبية حبيساً فإشتقّ من اسمه اسم البلدة.
وقد تأسس اول مجلس بلدي في سن الفيل عام 1910 وكان يضمّ آنذاك سن الفيل والدكوانه وبرج حمود. لكن عام 1938تأسست أول بلدية مستقلة لسن الفيل، ترأسها سليم زوين. وفي عام 1998 فاز نبيل كحاله بعضوية المجلس البلدي، وتم انتخابه للمرّة الأولى رئيساً للبلدية عام 2004، وتوالى انتخابه حتى اليوم.
نشط نبيل كحاله منذ فتوته في الشأن العام واستمر على حيوية حضوره طيلة عشرين سنة، مناضلاً في صفوف حزب الكتائب لسنوات عدة، وعاملاً على تأسيس الجمعيات الأهليّة ودعم البرامج الخيريّة. عرف كيف يقفز فوق التناقضات السياسيّة والتعدد الحزبي وتنوّع الحالة الإجتماعيّة بحكمة واتزان، فحظي باحترام جميع أبناء البلدة والفعاليات المتنيّة. شخصيّته التي تجمع الحكمة الى التواضع والجدّية إلى الحس الإنساني، نجحت في استقطاب الرأي العام لاسيما أنّ الشفافيّة توّجت إدارته التي سعت الى تحريك عجلة الإنماء ودعم المحتاجين. وللإطلاع على آخر نشاطات البلدية التقينا بالرئيس كحاله وكان الحوار التالي:
1- بداية كيف تقيمون الانتخابات النيابية الأخيرة، وأهم مطالبكم من الدولة؟
تأملنا خيراً بعد الانتخابات النيابية بأن نرى وجوهاً جديدة، يكون لديها أفكار متقدّمة ومندفعة للعمل الجدّي في تغيير أوضاع البلد، لكن للأسف عادت الوجوه نفسها مصطحبة معها الخلافات والمحاصصات نفسها. ونحن كبلديات أكثر ما يهمّنا من موضوع الانتخابات، وضع قوانين جديدة للبلديات تعطيها صلاحيات أكبر. والحلم الذي نحلم به منذ أكثر من 10 سنوات هو “اللامركزية الإدارية” التي لا أمل منها الا من خلال الفكر والنمط الجديد في الحكم سواء في مجلس النواب أو مجلس الوزراء، مع العلم أنها من صلب الدستور اللبناني. وفي الوقت نفسه كنّا ننتظر من الانتخابات أن تتحسن بعدها الأوضاع المعيشية التي باتت اليوم مزرية، والمعيار لدينا هنا في البلديات حيث العديد من الأشخاص ويطلبون المساعدات، سواء على الصعيد الشخصي أو المؤسساتي أو الجمعيات.
2- لكن ما هي برأيكم الأسباب التي تمنع الحكومة من تبني اللامركزية حتى اليوم؟
أعتقد أن السياسيين لا يريدون اللامركزية الإدارية كي لا يخففوا من صلاحياتهم، حيث يعتبرون أنه في حال أصبحت كل منطقة مسؤولة عن نفسها سوف تخرج الأمور عن سيطرتهم. وهذا الواقع لا يعترف به السياسيون، بل يبررون الموضوع بالقول بأن اللامركزية يمكن أن تغيّر الأمور ديموغرافياً، وأننا في بلد طائفي ومذهبي، ويمكن أن يصبح هناك تنافس بين البلديات وتفضل منطقة على أخرى، لكن في رأي أن كل هذه حججاً لا مبرر لها لأن التنافس أمر صحي وضروري لتطوير البد.
3- تتميز بلدية في سن الفيل بتواصلها المباشر مع الناس، ما هي أبرز النشاطات التي قمتم بها في هذا المجال؟
نجحنا في قصة التواصل مع الناس، فنحن لسنا بلدية عادية بل تجاوزنا بعض الأمور الروتينية وأصبحنا نعيش هموم وشجون الناس وتطلعاتهم. وقد افتتحنا أخيراً “بيت العطاء” الذي يرعى العجزة والمسنين والفقراء، خصصنا سيارة لنقلهم من منازلهم الى الدار، وهناك فريق مختص يهتم بنظافتهم من ناحية الحمام وقص الشعر وتقليم الأظافر، كما نؤمن لهم الملبس ، ولدينا في المركز غسالات لغسل الثياب التي يتم التبرع بها، والدار مفتوحة أمام كافة العجزة الفقراء وحتى الميسورين الذين يمضون النهار مع بعضهم في أجواء من التسلية، وكل ذلك في منطقة جميلة وهادئة تحيط بها المساحات الخضراء. كما نساعد الجمعيات الخيرية وندعمها لضمان استمراريتها. وبحكم المسرح والصالات لدينا في مبنى البلدية الجديد تأتي العديد من المدارس والجمعيات لتقديم نشاطاتها وأعمالها. وفي الثقافة أنشأنا مكتبة عامة للكبار ومكتبة للصغار. كما وضعنا لوحة إعلانات على مدخل البلدية للإعلان عن نشاطات البلدية او نشاطات الجمعيات والرعايا في نطاق البلدة. وأطلقنا “سوق المتين” الذي عرضت فيه الجمعيات بضائعها لمدّة 3 أيام، وأتى الناس ليتفرجوا ويشتروا، في أجواء فرحة غنائية وموسيقية. وسن الفيل هي بالأصل “ضيعة”، ونحن نصرّ على الحفاظ على هذا الطابع رغم أن ملامح المدينة بدأت تطغى عليها، لكننا من خلال النشاطات التي نقيمها نحاول أن نقرب الناس حتى يتعرفوا على بعضهم البعض.
4- ما هي أبرز إنجازات المجلس البلدي، وأهم مشاريعه المستقبلية؟
إستملاك أرض لإنشاء موقف سيارات خلف حديقة السيدة، تأهيل البنى التحتية وإنشاء شوارع، إستحداث قسم التنمية المحلية، الملعب البلدي، زيادة الحدائق والمساحات الخضراء، تحسين وتجميل مداخل سن الفيل، أرصفة مؤهلة لذوي الحاجات الخاصة، مكننة المعاملات البلدية، إنشاء المبنى البلدي، مكتبة عامة للكبار، ومكتبة للصغار، مسرح، تسمية شوارع بأسماء منتخبين سابقين في سن الفيل، قاعة متحرّكة، إفتتاح المستوصف البلدي ، إفتتاح مركز للمسنّين “بيت العطاء” بالتعاون مع جمعيّة “كلنا لبعض”، مركز للجنة الوطنيّة لوهب الأعضاء، إستملاك أرض لإنشاء موقف سيارات في جسر الباشا والمباشرة ببناء مركز للشرطة، تدريب عناصر الشرطة على السلامة المرورية مع عادل متني فاونديشن، وتدريبهم على كيفية التصرف لحل النزاعات في وزارة الداخلية كما يتم التحضير لدورة حول الفنون القتالية. إعادة تأهيل حديقة الحي الجديد وإنشاء ملاعب رياضية قربها تلبية لطلب الهيئة الشبابية في سن الفيل بالتعاون مع مؤسسة الرؤيا العالمية. توقيع إتفاقية تعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت لتنفيذ مشاريع تنموية في مدارس المنطقة
أما المشاريع المستقبلية فهي:
عنونة الشوارع، المباشرة بموقف السيارات في حي البلدة بعد الإستحصال على الموافقات اللازمة من المراجع المختصّة، إعادة تأهيل الملعب البلدي، إستكمال بناء مركز الشرطة في حي جسر الباشا، تجميل الشوارع
5- كيف تقيمون مستوى البنى التحتية في سن الفيل، وهل هناك خطط لتطويرها؟
هناك مناطق في سن الفيل تعتبر البنى التحتية فيها ممتازة وعصرية، لأننا كبلدية كنا قد نظمناها ووضعنا خطّة شاملة لها قبل بدء الإعمار فيها. وهناك مناطق أخرى ورثناها، ونحاول قدر المستطاع إصلاح البنى التحتية فيها وصيانتها. وهناك مناطق أخرى مبنية بشكل عشوائي كبير من المفترض ان تهدم بأكملها ويصار الى إعادة إعمارها، وهذه العملية يمكن أن تتمّ عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص عبر الـBOT ، لأن إنجازها أكبر من قدرات البلدية.
6- تعاني سن الفيل من أزمة خانقة في مواقف السيارات، ما هي الحلول التي تقدمونها في هذا الإتجاه؟
نخطط لبناء مشروع ضخم يتألف من 5 طوابق للمواقف تحت الأرض يتسع لحوالي 750 سيارة. وقد خصصنا لهذا المشروع “حديقة السيدة” مع إضافة قطعة أرض قربها. وبعد الإنتهاء من بناء المواقف سنعود وننشئ الحديقة على كامل المساحة. وهذا المشروع سوف يحلّ جزأً كبيراً جداً من أزمة المواقف في سن الفيل. لكن للأسف ما زالت المعاملات عالقة في أدراج الدولة منذ سنة، ونأمل أن يفرجوا عن الموافقة قريباً، كي نبدأ تلزيم المشروع.
زر الذهاب إلى الأعلى