نشر موقع “المونيتور” مقالاً لمدير مركز دراسات دول الخليج بواشنطن جورجيو كافييرو، تطرّق فيه إلى المبادرة القطرية الأخيرة التي تمثّلت بشراء سندات حكومية لبنانية بقيمة 500 مليون دولار، ورأى بهذه الخطوة أنّ قطر تتحدى النفوذ السعودي في لبنان.
وأشار الكاتب إلى أنّ اقتصاد لبنان كان يغرق منذ سنوات، فقد أصبح لبنان البلد الثالث الأكثر مديونيّة في العالم من بعد اليابان واليونان، ودفع ثمنًا اقتصاديًا عبر انخفاض السياحة من دول مجلس التعاون الخليجي مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إضافةً الى الأعباء المالية الكبرى التي فرضها النزاع السوري وأزمة اللاجئين.
وفي هذا السياق، أعلنت قطر في 21 كانون الثاني أنها ستدعم الاقتصاد اللبناني من خلال استثمار بقيمة 500 مليون دولار في السندات الحكومية، وهذا التدفق النقدي سيزوّد سوق السندات بضمانات، بعد تلميحات عن إمكانية إعادة هيكلة الديون، الأمر الذي أخاف الأسواق ودفع السياسيين إلى إقناع المستثمرين بأن أموالهم كانت آمنة في لبنان.
وأضاف الكاتب أنّ قرار قطر جاء بعد يوم واحد من القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في لبنان الذي يواجه تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، والتي كان خلالها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز هما الرئيسان العربيان الوحيدان الحاضران، إذ لم يحضر القمة أي من قادة دول مجلس التعاون الخليجي الآخرين.
وبحسب الكاتب، فإنّ هجوم الدوحة الدبلوماسي والاقتصادي في لبنان هدفه زيادة نفوذ الدوحة في الساحة السياسية المتصدعة، لا سيما بعدما علّقت المملكة العربية السعودية حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار للبنان بسبب شكاوى المملكة من دور “حزب الله” في المشهد السياسي اللبناني.
ومع انخفاض النفوذ السعودي في لبنان، بدأت قطر بالسعي لملئه، إذ ترى القيادة في الدوحة أن الوقت مناسب لعرض قطر كدولة خليجية ثرية ومفيدة تساعد لبنان ماليًا.
وشدّد الكاتب على أنّه يجب فهم المساعدة القطرية للبنان من خلال وضعها في السياق التاريخي لتدخل الدوحة لمساعدة لبنان خلال الكوابيس السابقة التي مرّت على البلاد، على سبيل المثال، بعدما دمّرت إسرائيل الكثير من البنية التحتية اللبنانية خلال حرب 2006، موّلت الدوحة، وكذلك الرياض، مشاريع تنموية كبرى في لبنان. وفي عام 2008، استضاف القطريون الأفرقاء اللبنانيين لإجراء محادثات أدّت الى اتفاق الدوحة.
وأشار الكاتب إلى أنّ الدوحة عازمة على مواصلة دفع نفسها نحو المشهد السياسي المعقد في لبنان وتقديم نفسها كأحد شركائه الإقليميين الأكثر أهمية. كما أنّ قطر حريصة على ترسيخ علاقات قوية مع المزيد من الدول في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم بأسره من أجل مواجهة الحصار، بحسب الكاتب الذي أضاف أنّ قطر ستستخدم ثروتها المالية للاستثمار في الدول العربية التي وقفت إلى جانبها خلال هذه الأزمة، والتي تضمّ إضافةً الى لبنان، الأردن والعراق والسودان.
إلى ذلك، فإنّ الاقتصاد اللبناني يحتاج لإصلاحات هيكلية من أجل التغلب على التحديات الرئيسية المقبلة، كما أنّ الإستثمار القطري لن يحلّ مشاكل لبنان المالية برمتها. وكما أوضح أحد المحللين المصرفيين قائلا “إنّ التحديات اللبنانية هيكلية”.
وختم الكاتب مقاله بالقول: “انضمت الدوحة إلى الرياض وطهران في التنافس الجيوسياسي على النفوذ في بيروت”.
(ترجمة: جاد شاهين) الانباء
زر الذهاب إلى الأعلى