من المكتب التربوي المركزي في حركة أمل إلى مكتبه في وزارة الزراعة انتقل حسن اللقيس أمس، تسبقه تركة ثقيلة لقطاع يعاني من الويلات. يرى أنّ التعاون بين الوزارات يمكن أن يحوّل القطاع الزراعي إلى رافعة للاقتصاد
بعدَ أيام من تعيينه وزيراً في حكومة الرئيس سعد الحريري الجديدة كان حسن اللّقيس لا يزال ينعَم بهدوء مكتبه في المركز التربوي لحركة أمل. تأخّرت عملية التسلّم والتسليم بينه وبين زميله الوزير السابق غازي زعيتر حتى يوم أمس، «لأن بعض مدراء الوزارة كانوا في مهمّة خارج البلاد». ما ينتظر وزير الزراعة الجديد لن يكون سهلاً ولا مسلّياً على الإطلاق. أتى وقد سبقته إلى حقيبته الجديدة تركة ثقيلة من المشاكل في قطاع يُعاني الويلات. لكن الرجل يرسُم منذُ الآن خارطة نجاحه: الإرادة إذا ما وجُدت، والتعاون بينَ الوزارات… «فالوزير بشخصه لا يستطيع أن يُغيّر العالم» كما يقول لـ«الأخبار».
يوجز اللقيس أهم المشاريع التي يجب على وزارة الزراعة أن تُنجزها. يبدو كمن قضى أشهره الماضية وهو يتصفّح ملفات «الزراعة». من حاجات المزارعين، والحفاظ على الثروة الحيوانية، نوع الأسمدة، المبيدات، الإنتاج والتصدير، الأراضي الزراعية، وصولاً إلى المنافسة الخارجية… وطبعاً السياسة الخارجية وانعكاسها على هذا القطاع تحديداً في ما يتعلّق بالعلاقة مع سوريا. بشأن هذه النقطة، يتحدّث اللقيس بثقة عالية، ويجيب في معرض حديثه عن فتح معبر نصيب والتصدير إلى دول الخليج بالقول إن «الصيغة التي اعتُمدت لزيارة الوزراء السابقين إلى سوريا لن تستمر». هل يعني ذلك أنّ الوزراء الحاليين سيقصدونها بتكليف رسميّ رغم الخلاف السياسي حول العلاقة مع سوريا؟ «أنا على يقين» يقول اللقيس، مستنداً إلى «معطيات» تؤكّد أن أيّ زيارة له، كما لغيره من الوزراء المعنيين، ستكون بموافقة الحكومة ورئيسها. فلجنة صياغة البيان الوزاري «أوجدت مخرجاً في هذا الصدد»، ولا سيما أن «المصلحة اللبنانية تقتضي التعامل بشكل إيجابيّ مع سوريا، وهي المعبر الوحيد الذي نستطيع اللجوء إليه في ظلّ ارتفاع كلفة التصدير البحري».
اللقيس: الأولوية ستكون لدعم صغار المزارعين ومراجعة الاتفاقات العربية
للوهلة الأولى، يُخيّل لمُجالسه أن اللقيس سبَق وأن مرّ على الوزارة وفنّ
ملفاتها. ليسَ بين يديه أي خطّة، إنما تصوّر يقوم على قاعدة «وضع اليد على الجرح ومن ثم تحديد طرق العلاج بمساعدة فريق عمل متخصّص». يركّز اللقيس في حديثه كثيراً على «صغار المزارعين» وما يعانونه من أزمات تتعلّق غالبيتها بصعوبة التسويق والتصريف والعجز أمام منافسة منتجات مستورَدة تغرق الأسواق اللبنانية. وعلى سبيل المثال، يقدّم وزير الزراعة منطقة البقاع نموذجاً للإشارة إلى «صغار المزارعين الذين لا يستطيعون أن يقوموا بالحمل جرّاء غلاء البذور ومشكلة الريّ والإنتاج والتصريف، مما يضطرهم إلى تأجير أراضيهم للتجار الكبار بأرخص الأسعار». والحلّ يكون «بمساعدتهم على تجاوز حالة انعدام التوازُن التي يعيشونها نتيجة تراجع عائداتهم المالية».
يُعيد اللقيس كلاماً قاله في الإعلام فور تسميته وزيراً حينَ اعتبر أن «القطاع الزراعي الذي لا تشكل ميزانيته أكثر من 1 في المئة من الموازنة العامة، يُمكن أن يتحوّل إلى رافعة مهمّة جداً للاقتصاد اللبناني، إذا أُعطي الأهمية المطلوبة»، خصوصاً أن «في لبنان أراضي زراعية كثيرة نسبة لمساحة الأراضي في هذا البلد»، ولأنّنا «نملك إنتاجاً يستطيع المنافسة في الدول العربية، خصوصاً بعد فتح معبر نصيب». وفي هذا الإطار يتحدّث اللقيس عن «ضرورة إعادة النظر في بعض الاتفاقات العربية بسبب ارتفاع الرسوم التي ندفعها».
يُفرط اللقيس بعض الشيء في تفاؤله، حين يتحدث عن تعاون الوزارات الباقية معه، «فأنا لست آتياً من خلفية أن هناك من يريد أن يعرقل»، معلناً «انفتاحه على الجميع». أولى الوزارات التي خصّها بالذكر، هي وزارة الطاقة والمياه «التي عليها إعادة النظر في مشاريع السدود على أن يكون هناك توازن في التوزيع»، تليها وزارة الداخلية التي يجب أن «تتحمّل مسؤولية مراقبة إعطاء البلديات لتراخيص البناء، حيث باتت العمارة تغزو الأراضي المصنّفة زراعية».
إذا ما أراد أحد أن يحاسب وزير الزراعة الجديد بعد ثلاث سنوات من الآن، فعليه أن يسأله أولاً عن تعهّده بأن «يقاتل بعناد لتنفيذ ما وعد به»، هذا أولاً. ومن ثمّ «تنفيذ المشاريع التي تحدث عنها وقال إنها أولوية». وأخيراً عن «التزامه بفضح المعرقلين إذا ما وُجدوا من أجل أن يتحمّل كل شخص مسؤوليته».
ميسم رزق ” الاخبار “