أخبار محلية

هل تكون أولى خطوات حكومة دياب تقديم حاكم مصرف لبنان كبش محرقة للانتفاضة؟

سعد الياس " القدس العربي "

باتت التشكيلة الحكومية في لبنان على نار حامية وفي سباق مع الأحداث المتسارعة بعد عملية اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني وما يمكن أن تستدرجه من ردات فعل تخلط الأوراق وتعيد رسم التوازنات في المنطقة. وسيكون أمام الحكومة التي تضمّ وجوهاً جديدة من الاختصاصيين كسب رضى المنتفضين في الساحات والشوارع وكسب ثقة المجتمع الدولي والعربي لاستقطاب مساعدات عاجلة تنقذ الوضع الاقتصادي والمالي من الانهيار.

غير أنه إذا صحّت الأجواء عن أن أولى خطوات الحكومة العتيدة ستكون تحميل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية المتدهورة في البلاد نتيجة السياسات المتبعة ولجوء هذه الحكومة التي يرأسها حسّان دياب لا سعد الحريري إلى محاولة إزاحته وتقديمه كبش محرقة للانتفاضة، فسيكون لمثل هذه الخطوة تداعيات ومخاطر على الاستقرار المالي والنقدي ليس الآن توقيتها ونظراً للثقة التي يتمتع بها سلامة لدى الهيئات المالية الدولية. وتردّد بشكل غير رسمي أن وكيل وزارة الخارجية الأمريكية دايفيد هيل في اجتماعه بصهر رئيس الجمهورية الوزير جبران باسيل في دارته في البيّاضة، حذّر من أي محاولة للمسّ بشخصيتين رئيسيتين: الأولى هي حاكم مصرف لبنان والثانية هي قائد الجيش العماد جوزف عون.

وليست المرة الأولى التي تُطرَح فيها اشكالية حول وضع حاكم مصرف لبنان الذي مضى على وجوده على رأس الحاكمية حوالي 27 سنة. وكان رئيس الجمهورية ميشال عون راغباً في عدم التجديد لسلامة وتعيين بديل عنه هو وزير الاقتصاد الحالي في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش، إلا أن الرئيس الحريري لم يمش بالأمر، فكان توافق على إعادة تعيينه في جلسة مجلس الوزراء في 25 أيار/مايو 2017 مقابل تعيينات أخرى. ولم يُعرَف ما إذا كان الرئيس دياب سيمشي بطرح استبدال رياض سلامة بناء لاتفاق مسبق أم أنه سيعارض هذا التوجّه.

وحسب متابعين للواقع اللبناني، فإن رياض سلامة الذي يتميّز بهدوئه وقلّة كلامه يخوض بصمت مواجهة على جبهتين: الأولى جزء من الطبقة السياسية التي لم تستمع إليه عندما حذّر من إقرار سلسلة الرتب والرواتب من دون ايرادات وضرائب تفادياً لأي عواقب على المالية العامة، ناصحاً في حال الاصرار على السلسلة تقسيطها على سنوات، فيما الطبقة عينها بادرت إلى إقرار السلسلة عشية الانتخابات النيابية غير آبهة بالتداعيات، وليتبيّن لها أن أرقام هذه السلسلة فاقت التقديرات وتجاوزت رقم 800 مليون دولار إلى حوالي مليار و200 مليون دولار.

وبدا أنه في الوقت الذي كانت رئاسة الجمهورية شاغرة بسبب التعطيل سنتين ونصف، وفي الوقت الذي كان تأليف الحكومة يتأخّر نتيجة التعقيدات والشروط المتبادلة، وفي الوقت الذي كان فيه الانفاق يتم على القاعدة الاثني عشرية في غياب موازنات واضحة ومدقّقة، كان يتم الطلب من حاكم المصرف المركزي التدخّل للإنقاذ فيما تستمر سياسة التوظيف العشوائي في الدولة وآخرها توظيف 5 آلاف في القوى العسكرية وفي الإدارات العامة قبيل انتخابات 2018.

 أما الجبهة الأخرى التي يخوض عليها سلامة مواجهة فهي جبهة المصارف التي دعاها حاكم مصرف لبنان إلى زيادة رأسمالها في محاولة منه لدفعها إلى توفير سيولة في السوق النقدي واستخدام أموال بالعملة الأجنبية جرى تحويلها إلى فروعها في الخارج.

وكانت مصادر مقرّبة من مصرف لبنان ردّت على الحملة التي طالت الحاكم لجهة مرور التحويلات المالية إلى الخارج من خلال المصرف المركزي بقولها “التحويلات المالية بالعملة الأجنبية لا تمرّ بمصرف لبنان بل تحصل بين المصارف اللبنانية والمصارف الأجنبية مباشرة وعبر شركات التحويل الخاصة وعبر المعابر الحدودية بحماية سياسية”.

كما ردّت المصادر على الالتباس الذي نتج عن قول سلامة إنه لا يعرف إلى أين سيصل سعر صرف الدولار قاصداً الصرّافين وليس السعر الرسمي فقالت “سعر صرف الدولار في المصارف مستقر على 1515 أما سعر الصرّافين فهو خارج عن سلطة حاكمية مصرف لبنان”.

وعن الهندسة المالية لفتت المصادر إلى “أنها عزّزت الاحتياط المالي للبنك المركزي وحمت الليرة وأجّلت الانهيار الذي كانت المناكفات السياسية ومافيات المحاصصة والفساد سببه الأساسي”.

يبقى أن مصرف لبنان سعى لتنظيم عملية استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأمريكي، ولولا هذه الخطوة لكانت هذه المواد فُقدت من الاسواق وارتفع سعرها بشكل يفوق التوقعات تماماً كما حصل مع مواد غذائية مستوردة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى