
تستمر الاتصالات بين ممثلي الرؤساء الثلاثة للرد على ورقة الموفد الامريكي توم برّاك التي ترتكز إلى تسليم سلاح «حزب الله» ومختلف الفصائل الأخرى، إضافة إلى العلاقة مع سوريا وترسيم الحدود وتنفيذ الإصلاحات كمقدمة للبدء بعملية إعادة الإعمار مقابل التزام إسرائيل بالانسحاب الكامل ووقف الخروقات. وتعود اللجنة الممثلة للرؤساء للاجتماع في الساعات المقبلة تحضيراً للرد اللبناني، علماً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينسّق مع «حزب الله» ينتظر إشارة منه حول مدى التزامه بتسليم سلاحه خلال مهلة 4 أشهر، مع العلم أن «الحزب» يضع شروطاً تتصل ببحث الاستراتيجية الدفاعية والتزام إسرائيل وقف إطلاق النار ووقف الانتهاكات والانسحاب ومن النقاط الخمس وإطلاق الأسرى.
سلام: الانتهاكات الإسرائيلية
ولم تغب هذه التطورات عن كلمة رئيس الحكومة نواف سلام في خلال زيارته المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يرأسه شارل عربيد، إذ تحت عنوان الاستقرار الأمني والسياسي، قال سلام «اسمحوا لي أن أكون في منتهى الوضوح: لا يمكن تحقيق الاستقرار في لبنان طالما استمرت الانتهاكات الإسرائيلية، وبقي الاحتلال قائمًا لأجزاء من أرضنا، وأسرانا في سجون العدو. من هذا المنطلق، نكثف الضغوط السياسية والدبلوماسية لتنفيذ القرار 1701، ونوفّر كل ما يلزم لضمان العودة الكريمة لأهلنا، وإعادة إعمار ما دمّره العدوان. في موازاة ذلك، تواصل الدولة، انسجامًا مع اتفاق الطائف وبيان حكومتنا الوزاري جهودها لبسط سلطتها الكاملة على جميع أراضيها بقواها الذاتية، بهدف حصر السلاح في يدها وحدها. وقد عززنا السيطرة على مطار رفيق الحريري الدولي والطريق المؤدي إليه عبر إجراءات إدارية وأمنية صارمة للحد من التهريب وتعزيز السلامة العامة، كما أطلقنا تعاونا مباشرا مع الجانب السوري لضبط الحدود، ومكافحة التهريب، وتأمين العودة الآمنة والكريمة للنازحين».
وعرض رئيس الحكومة لمسألة إعادة الإعمار، معتبراً أنها «ليست مسألة هندسية أو مالية فحسب، بل هي أيضًا عملية سياسية واقتصادية واجتماعية تهدف إلى تثبيت الناس في أرضهم، واستعادة ما دمّرته الحرب من ثقة، وبُنى، وكرامة». وقال «لقد تعهّدنا بإعادة بناء ما دمّره العدوان الأخير، ونعمل على إطلاق جهود الإعمار ضمن أطر شفافة ومسارات خاضعة للمساءلة والمحاسبة. وفي هذا الإطار، أمّنا حتى الآن قرضًا بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي لتمويل مرحلة إعادة الإعمار الفوري، بانتظار إقراره في مجلس النواب. كما نعمل بالشراكة مع وكالات الأمم المتحدة على تنفيذ مشاريع تفوق قيمتها 350 مليون دولار في الجنوب، تغطي قطاعات التعليم، والصحة، والمأوى، والأمن الغذائي، ضمن خطة دعم تمتد لأربع سنوات. ونؤمن أن مشروع إعادة الإعمار لا يكتمل من دون دعم أشقائنا العرب. من هنا، نتطلع إلى مساهمة فاعلة تُعيد بناء ما تدمّر، وتُعزز قدرة لبنان على النهوض. كما نعمل بالتوازي على التحضير لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار، من المتوقع عقده خلال الأشهر المقبلة، ليكون محطة جامعة لتكثيف الدعم وتنسيق الجهود تحت قيادة الدولة اللبنانية ووفق أولويات واضحة».
سلام يوازِن بين وقف الانتهاكات الإسرائيلية والاحتلال وبين حصر السلاح في يد الدولة
وشرح أولويات التعافي والاصلاح بعد الانهيار المالي والاقتصادي وفقدان الليرة اللبنانية قيمتها وانفجار مرفأ بيروت، متحدثاً «عن قرار واضح بإعادة وصل لبنان بعمقه العربي، لاستعادة موقعه الطبيعي كشريك فاعل في مسارات التنمية، وتنشيط التجارة البينية، وجذب الاستثمار وإصلاح القطاع المصرفي واستعادة مؤسسات الدولة من خلال التعيينات واستقلالية القضاء».
التحديات وفرصة الإنقاذ
وتابع سلام «ما طرحته اليوم ليس مجرد عرض حكومي، بل دعوة مفتوحة إلى شراكة وطنية مسؤولة، تُدرك حجم التحديات وتتمسّك بفرصة الإنقاذ. نجاح هذا المسار لا يمكن أن يتحقق بجهد الحكومة وحدها، بل يتطلب تعاونًا جماعيا بين مختلف الأطراف، وفي طليعتها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومكوناته الفاعلة. فأنتم تمثلون شرائح واسعة من المجتمع، ومنصتكم هذه يجب أن تبقى حية، نقدية، اقتراحية، وشريكة في القرار.
نتطلع إلى تفعيل دور هذا المجلس أكثر من أي وقت مضى، ليكون حلقة وصل حقيقية بين الدولة والمجتمع، وجسرًا للحوار البناء، ومصدرًا لتغذية السياسات العامة من قلب الواقع».
وختم: «نحن لا ندّعي أن الطريق سهل، ولا نزعم أن التحديات أصبحت خلفنا. لكننا، منذ اليوم الأول، اخترنا ألا نهادن، وألا نراوغ. اخترنا أن نواجه، وأن نبدأ، مهما كان المسار صعبًا. دعونا نُعيد للبنانيين ثقتهم بدولتهم. دعونا نُعيد الاعتبار لمعنى الدولة».
من ناحيته، عرض النائب أديب عبد المسيح مع رئيس الكتائب سامي الجميل للاستحقاقات الراهنة، وعلى رأسها مسألة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، والموعد المرتقب لوصول المبعوث الأمريكي. فشدد على «ضرورة قيام الدولة، وتحديدًا الحكومة، بوضع جدول زمني واضح لنزع السلاح»، متمنيًا «أن يكون القرار صادرًا عن حزب الله قبل أن يأتي من الدولة اللبنانية، لأن الالتفاف حول مؤسسات الدولة، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، من شأنه أن يوفّر مناخًا مريحًا، ويُخرج البلد من النفق المظلم نحو مرحلة الاستقرار والاستثمار».
اقتراع المغتربين
قي ملف اقتراع المغتربين بعد الانقسام الذي سُجّل في مجلس النواب، لفتت زيارة وفد من مطارنة الانتشار إلى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي.
وقد ضم الوفد الذي سبق أن زار رئيس الجمهورية العماد جوزف عون المطارنة ادغار ماضي (البرازيل) أنطوان شربل طربيه (استراليا) يوحنا حبيب شامية (الأرجنتين) وسيمون فضول (أفريقيا الوسطى والغربية) بحضور وفد من المنتشرين في البرازيل واستراليا، ورئيسة المؤسسة المارونية للانتشار روز شويري ونائبة الرئيسة هيام بستاني، وجرى خلال اللقاء عرضٌ لشؤون أبناء الجاليات اللبنانية.
وشكر المطارنة الوزير رجي ووزارة الخارجية والمغتربين على دورها المحوري في ربط الجاليات اللبنانية بالوطن الأم وبمؤسساته الرسمية، ورعاية مصالح اللبنانيين في الخارج وتسهيل شؤونهم. ونقلوا رغبة اللبنانيين المنتشرين في إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب الحالي بشكل نهائي، وتمسكهم بحقهم في الإدلاء بأصواتهم في دوائرهم الانتخابية.
مطارنة الانتشار يطالبون وزير الخارجية بحق المغتربين في الاقتراع في دوائرهم
وأعرب المطران طربيه، باسم الوفد «عن توجسهم من وجود مؤامرة لحرمان اللبنانيين المنتشرين من حقهم في الانتخاب على مساحة الوطن».
وأثار مسألة قانون استعادة الجنسية اللبنانية، مطالباً «بتمديد العمل بهذا القانون المهم الذي ينتهي مفعوله في تشرين الثاني/نوفمبر 2025».
وفي انتظار لقاء سياسي إعلامي مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الخميس في معراب، فقد رأى جعجع «أن إحدى ركائز قوتنا الأساسية، إلى جانب الأرض والكرامة والإرادة والحرية، هي الانتشار اللبناني. ولولا هذا الانتشار، خلال السنوات الماضية، لكان الكثير من الناس قد اضطروا إلى مغادرة البلد، ولكانت سبل العيش قد انعدمت بالكامل أمامهم».
وأكد في تصريح «أن محاولة إبعاد المغتربين عن الشؤون الوطنية أمر مرفوض كلياً»، وقال «جميعنا معنيون بهذه المواجهة الكبرى، التي عنوانها بسيط: إما أن نربط الانتشار بلبنان أكثر فأكثر كي يعود تدريجياً كلما تحسنت الأوضاع، أو أن نُقصيه تمامًا ونقول له: «ابقَ في الغربة، لا علاقة لك بلبنان، صوتك يبقى في الخارج ونحن نقرّر عنك شؤونك في الداخل. وهذا مبدأ مرفوض تمامًا».
وأضاف رئيس «القوات» «إننا في حزب القوات اللبنانية، وفي تكتل الجمهورية القوية، ومع حلفائنا في حزب الكتائب اللبنانية، والتغييريين، وحتى في الحزب التقدمي الاشتراكي، وتكتل الاعتدال الوطني، ومجموعة كبيرة من النواب المستقلين، قررنا أن نعمل بكل ما أوتينا من قوّة ووسائل ديمقراطية وقانونية، كي نعيد الحق إلى المغتربين اللبنانيين ليصوّت كل واحد منهم في بلدته، في منطقته، في وطنه، ليبقى على صلة بلبنان، وألا يُفصل عنه».