بدا أن الدعاوى التي أقامها وزير التربية مروان حمادة ضد بعض المدارس، لمخالفتها القانون بفرض زيادات كبيرة على الأقساط، لم تكن أكثر من امتصاص لغضب الأهالي. حمادة لم يرفق الدعاوى بالمستندات اللازمة، وسحب بعضها بعد تسوية مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، بحجة استيفاء المدارس المدعى عليها للشروط، من دون اعتبار لشكاوى الأهالي
عندما أحال وزير التربية مروان حمادة، في أيار الماضي، 65 مدرسة خاصة على المجلس التحكيمي التربوي لمخالفتها أحكام القانون 515/1996، تنفست لجان الأهل ــ ولا سيما في مدارس جبل لبنان ــ الصعداء، باعتبار أن المجلس في المحافظة “شغّال”. ظن هؤلاء أن الوزير سيرفق بلائحة أسماء المدارس كل المستندات المتعلقة بالمخالفات (عدم توقيع رئيس لجنة الأهل أو اللجنة المالية أو عدم ورود بيان عام صندوق التعويضات، إضافة إلى 26 شكوى قدمها أولياء أمور بحق مدارس أولادهم، ويرفض معظمها الزيادة ويطلب إجراء كشف على حسابات المدرسة وقطع حساب عن السنة السابقة). وذهبوا في تحليلاتهم إلى الاعتقاد بأن حمادة سيضغط في اتجاه التئام المجالس التحكيمية المعطّلة في بقية المحافظات.
لكنّ أياً من ذلك لم يحصل، بحسب الشريف سليمان، محامي اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة. إذ اكتشفت اللجان بالصدفة، بعد مراجعة المجلس التحكيمي في جبل لبنان، أن ما رفعه الوزير لم يكن سوى “بورديرو” بأسماء المدارس من دون أي تفصيل للملفات. بعدها راح حمادة يسحب تباعاً، بحسب سليمان، عدداً من الدعاوى ضد أصحاب المدارس، بذريعة أنّ مصلحة التعليم الخاص أجرت تدقيقاً في موازناتها، وتبين لها أنها “مستوفية للشروط المطلوبة”، من دون أي اعتبار لاعتراضات الأهل وشكاويهم. وعلمت “الأخبار” أن بين الملفات المسحوبة الدعاوى ضد مدارس “إنترناشيونال كولدج – عين عار” ومدرسة “سيدة اللويزة – ذوق مصبح” ومدرسة “الحكمة برازيليا”. في المقابل، تشرح مصادر في وزارة التربية أن سحب الدعاوى من المجالس التحكيمية أتى بالتنسيق مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، وبعدما امتثلت المدارس المخالفة لمقتضيات القانون 515 الذي لم يجر التهاون في أي من نقاطه، وأنّ التسوية لم تحصل قبل أن تسوّي المدارس أمورها. إلاّ أنّ بعض الأهالي أوضحوا أنهم اتصلوا بمحاميهم، و”ثبتوا” تسجيل الدعاوى في المجالس التحكيمية التربوية، ولم يجر سحبها.
سليمان يوضح أن القانون 515 (معطوفاً على القانون 11/81 والمرسوم التطبيقي 4564 /81)، الذي يحدد نظم إعداد موازنات المدارس، يفرض اقتران الموازنة بالمستندات والفواتير والوثائق المثبتة لصحة بياناتها. “ولكن، لأسباب ملتوية وغير مفهومة، تعطّل مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية أية رقابة على صحة بيانات موازنات المدارس، والتدقيق في ما إذا جرى نفخ أرقامها لتحقيق أرباح فاحشة. وعندما طُرح خيار الاستعانة بمدققين في أرقام الموازنات من نقابة خبراء المحاسبة، فرضت عليهم وزارة التربية كفالة خيالية بمئات آلاف الدولارات لتطفيشهم”.
ورغم اعتراضات لجان الأهل والأهالي على تزوير أرقام الموازنات، بقيت إدارات المدارس تتسلح بكتب كانت تصلها من رئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الأشقر، تجيز لها فرض الزيادة على الأقساط وتعطيها في بعض الأحيان صكوك براءة بأنّ موازنتها تستوفي الشروط المطلوبة. وبعض هذه الصكوك كان على بياض. فقد وقّع الأشقر مثلاً كتاباً، في 28 أيلول 2018، موجهاً إلى مدرسة القديس يوسف للآباء الكبوشيين، يقرّ فيه بالقسط المحدد في موازنة 2017 – 2018 من دون ذكر قيمة الزيادة، وكأنه بيان «prototype» مُعَدّ مسبقاً. ومن بين الإفادات، برزت إفادة موقعة من الأشقر بتاريخ 15 نيسان الماضي، وهو صادف يوم أحد، مرسلة إلى إدارة “مدرسة راهبات سيدة الرسل – الروضة”.
سليمان اعتبر هذه المعطيات بمثابة إخبار للمفتشية العامة الإدارية بشخص المفتش العام الإداري فادي هيدموس. ويصف كل ما حدث بـ”خطة ممنهجة تضمنت إجراءات مرحلية لاستيعاب الاعتراض وامتصاص غضب الأهالي ولجان الأهل، وإضعاف الرأي العام الذي بدا قوياً مع انفجار الأزمة في مثل هذه الأيام من العام الماضي”.
ماذا عن موازنات العام الدراسي الحالي 2018 – 2019 التي تنتهي مهلة تسليمها في 31 الجاري؟
يستبعد سليمان أن “نشهد موجة اعتراضات شبيهة بالعام الماضي، عندما تجاوز عدد الموازنات غير الموقعة من رؤساء لجان الأهل واللجان المالية الـ100، نظراً لأن انتخابات لجان الأهل أفرزت لجاناً تدور في معظمها في فلك الإدارات من جهة، ولأنه جرى من جهة ثانية تنفيس الحراك الذي ولدته أزمة الأقساط المتأتية من تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب، وبتواطؤ من وزارة التربية. فلا المعلمون أخذوا حقوقهم المنصوص عليها في القانون، ولا الأهالي استطاعوا وقف الزيادات على الأقساط الجائرة وغير المبررة”.
الأخبار
زر الذهاب إلى الأعلى