تعود دوامة الكهرباء الى الواجهة مع إدراج قانون معجّل مكرّر لصرف اعتماداتٍ إضافية لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 2700 مليار ليرة، على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقرَّرة الأسبوع المقبل. المبلغ المُقترَح مساوٍ للمبلغ الذي جرى صرفُه العامَ الماضي، بما فيه مبلغ الـ 2100 مليار ليرة، مضافة إليها سلفة الـ 640 مليار ليرة.
رغم الخلاف السياسي على خطوة إقرار سلفة لمؤسسة كهرباء مجدداً والتي بدأت تظهر في المواقف الصادرة عن بعض السياسيين والرافض لها، وكان آخرها لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي حذّر بتغريدة «من تسويق سلفة جديدة للكهرباء والمصلحة تتغاضى عن ٤٠ في المئة من الهدر»، كما صرّح الوزير مروان حماده «نرفض إعطاء «ضوء أخضر» لسلفة 2700 مليار للكهرباء»، فلا شيءَ يمنع من أن يعود مجلس النواب ويقرّ هذه السلفة، خصوصاً وأنّ الأمر اليوم شبيهٌ بالعام الماضي من حيث إنّ لبنانَ مجدداً سيكون تحت ضغط التعتيم الشامل في الأيام المقبلة، إذ إنّ مؤسسة كهرباء لبنان بدأت من الأمس باعتماد نظام تقنين جديد خفضت بموجبه ساعات التغذية حتى تستمرّ في تأمين ساعات كهرباء أكبرَ قدر ممكن، إلّا أنه ووفق المصادر فالتعتيم الشامل آتٍ لا محال إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه.
في هذا السياق، أوضح النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية» أنّ «الجلسة التشريعية المقرَّرة يومَ الاثنين ليست من أجل إقرار السلفة إنما من أجل إعطاء الحق بالإنفاق وفق القاعدة الإثني عشرية، إلّا أنّ أحد النواب تقدّم باقتراح القانون هذا المتعلّق بإعطاء سلفة لمؤسسة الكهرباء».
وذكر جابر أنه عندما طُرح إعطاء سلفة 640 مليار في جلسة سابقة، اعترضتُ وسألتُ وزيرَ الطاقة يومذاك: هل في إمكانك أن تعدَنا أنك لن تطلبَ العام المقبل مليارَين جديدَين؟
أضاف: لا يمكن أن نقبل اليوم إعطاءَ سلفة 2700 مليار من دون معرفة مسبقة الى أين يتّجهون بهذا الملف؟ فهذه تُعدّ فضيحةً ضخمة. تابع: المطلوب اليوم من وزارة الطاقة أن تلتزمَ بالقوانين، كيف لنا أن نعطيَ سلفة 2700 مليار ليرة لمؤسسة ليس لديها مجلس إدارة ولا مدققي حسابات ولا هيئة ناظمة. انطلاقا من هنا، أؤكد أنّ العديد من النواب مثلي لن يقبلوا إعطاءَ السلفة، لذا من المتوقّع أن يُفتح الملفُّ على مصراعيه يوم الاثنين، وسنطالب بتطبيق قانون الكهرباء وقانون إنشاء المؤسسة. يجب أن ندرس ملفّ الكهرباء المالي برمته، إذ لا يجوز السير بالاستدانة سنة بعد سنة ولا يوجد كهرباء.
وهل يُعقل إعطاءُ المؤسسة 2700 مليار ليرة سنوياً الى جانب الرقم الذي تجبيه من السوق؟ هنا يُطرح السؤال كم تبلغ كلفة إنتاج الكيلوات/ساعة مع العلم أنّ غالبية المناطق تعاني من التقنين؟ ما يعني أنّ في هذا الملف الكثير من التساؤلات حول أمور لا يمكن استيعابُها.
ورداً على سؤال، عمّا سيفعل النواب إذا ما وُضعوا أمام خيار التعتيم الشامل، قال: ننصرف الى المولدات الى حين التوصّل الى حلٍّ جذري للكهرباء، عدا عن أنه ليس لدينا مال لدفع السلفة حتى لو تقرّر دفعُها. فليُخبرونا ما هي خطتهم للكهرباء؟ نحن محطّ أنظار المجتمع الدولي والمؤسسات العالمية في هذه الأزمة، وكل مَن يريد أن يساعدنا من الدول يسألنا عن الحلول التي سنعتمدها في الكهرباء، والعجيب أنّ كل دول العالم تربح في قطاع الكهرباء باستثناء لبنان الذي يخسر. وهل مِن صاحب مولّد لم يصبح مليونيرا؟
وتساءل جابر: مَن يعطّل إمداد خطّ المنصورية؟ مَن يعرقل إنشاء وتحسين شبكات النقل؟ مَن يعرقل من 9 سنوات استيراد بواخر الغاز ولا يزال يعتمد المازوت الأكثر كلفة؟ مَن يهرّب الشركات العالمية التي أبدت اهتمامها الاستثمار في القطاع؟ إنّ موضوع الكهرباء سيؤدّي بالبلاد الى الإفلاس لا محالة.
الى ذلك، أشار مصدر مطلع على ملف الكهرباء أنّ السلفة التي تطلبها المؤسسة لهذا العام هي نفسها التي طلبتها العام الماضي، رغم أنها كانت تريد أكثر إلّا أنّ هبوط سعر برميل النفط عالمياً جعلها تكتفي بهذا المبلغ لهذا العام، من أجل توفير 21 ساعة تغذية لمنطقة بيروت الإدارية وما بين 14 الى 18 ساعة في بقية المناطق، بمعنى آخر إنّ المؤسسة بحاجة الى إنتاج 3400 ميغاوات في الصيف وفي الشتاء 2200 ميغاوات.
أما عن الوفر الناتج عن تراجع سعر برميل النفط هذا العام مقارنة مع العام الماضي، فلفت الى أنّ المؤسسة كانت تنوي أن تطلب هذا العام سلفة أكبر مقارنة مع العام الماضي إلّا أنّ تراجع سعر برميل النفط عالمياً جعلها تكتفي بالسلفة التي طلبتها العام الماضي، وهذه الزيادة وفق المصدر ناتجة عن احتسابها كلفة تزويد البواخر بالمحروقات على مدة 12 شهراً في ميزانية هذا العام، في حين احتسبت كلفتها في موازنة العام الماضي على 9 أشهر مع انتهاء مدة العقد إلّا أنّ الحكومة عادت ومدّدت لها، لذا زادت الكلفة.
وكشف مصدر مطلع في المؤسسة أنّ الأموال التي رُصدت من سلفة 642 مليار ليرة استعملتها المؤسسة لتعبئة خزّاناتها من الوقود لتوليد الكهرباء إلّا أنّ هذه الكمية بدأت تنفد، لذلك بدأت المؤسسة من الأمس في خفض عمل المجموعات التابعة لها، كي تكفي هذه الكمية المتبقية مدة أطول.
لكن في حال لم تُقرّ سلفة خزينة للمؤسسة فهي لن تتمكّن من إكمال عملها أكثر من منتصف شباط، وبدءاً من 10 الجاري، سيلمس المواطنون تقنيناً قاسياً في التغذية، ولا شك أنه قبل نهاية شباط تكون المؤسسة اطفأت كل محرّكاتها.
وكشف المصدر أنّ المؤسسة ستطلق الأسبوع المقبل حملة لنزع التعدّيات والتي تستحوذ على ما بين 25 الى 30 في المئة من انتاج المؤسسة، وأمل من القوى الأمنية مؤازرتها في هذه الحملة.
ووفق المصادر، تحتلّ منطقة البقاع المنطقة الأولى من حيث عدد التعديات، يليها الشمال فالجنوب، جبل لبنان الجنوبي، جبل لبنان الشمالي فبيروت.
زر الذهاب إلى الأعلى