مرّ عام ونصفٌ تقريباً على آخر لقاءٍ جمع الوزير في الحكومة الجديدة محمد داوود برئيس مجلس النواب نبيه بري.
يحفظ بري لداوود ودّاً مزدوجاً، فهو نجل الشهيد داوود داوود، رفيق درب بري، الذي كان قائداً ميدانيّاً في عمليّات حركة “أمل” ضدّ العدو الإسرائيلي بعد اجتياح جيشه في العام ١٩٨٢، وهو يملك صفات حفظها بري واحتفظ بها الى اليوم الذي يردّ فيه الجميل لبيتٍ ضحّى وقاوم ودفع أثماناً.
حين توجّه بري، مساء الخميس، من عين التينة الى قصر بعبدا، بعد أن تلقّى اتصال دعوة للانضمام الى اجتماع رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة المكلّف، كان يحمل في جيبه، كعادته عند تشكيل الحكومات، ورقة كتب عليها بيده أسماء وزراء حركة “أمل”. لم يكن الرجل المعروف بإخراج الأرانب من القبّعات قد أطلع أحداً على الأسماء التي اختارها. وحده إسم علي حسن خليل كان شبه محسوم، ولو أنّ بري لم يعلن ذلك صراحةً يوماً.
سلّم بري الأسماء وكان أوّل المغادرين. وعند وصوله الى عين التينة لم تكن قد أعلنت التشكيلة الحكوميّة من القصر الجمهوري، فطلب من أحد مساعديه الاتصال بمحمد داوود. حين أصبح الأخير على الخط، وحُوِّل الاتصال الى بري، بادره بالسؤال عن مكان وجوده، فأجابه “أنا في السعوديّة”. ردّ بري “استقلّ أوّل طائرة الى بيروت”. أجابه داوود “ماذا هناك دولة الرئيس؟”، فقال بري “لقد أخّرت الصورة التذكاريّة من أجلك، فَعُدْ بأسرع وقت”. زاد حينها استغراب داوود، وسأل: “أيّ صورة تذكاريّة؟”، فأخبره بري أنّ اسمه سيكون في عداد التشكيلة الحكوميّة التي ستُعلَن بعد قليل، وسيتولّى وزارة الثقافة.
إنّها، باختصار، قصّة وزيرٍ يتحدّث عارفوه عن ميزاته، دخل “جنّة الحكومة” من دون أن يطلبها أو يسعى إليها، لا بل كان بعيداً، في الجغرافيا والفكر، عنها. وابتداءً من اليوم، بعد الصورة التذكاريّة، سيتعرّف إليه اللبنانيّون أمّا الحُكم فعلى الأعمال..
داني حداد mtv