اصطدمت الانطباعات الإيجابية، التي تكوّنت بعد انتخاب الرئيس اللبناني العماد جوزف عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام، بمناخ شيعي سلبي تمثّل بمقاطعة رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير” الاستشارات النيابية غير الملزمة، التي أجراها الرئيس سلام في مبنى المجلس النيابي، رفضاً لما سمّاه الثنائي الشيعي انقلاباً على التفاهمات، التي سبقت انتخاب عون، وفي طليعتها تسمية الرئيس نجيب ميقاتي. وأدت مقاطعة هذه الاستشارات إلى طرح تساؤلات حول احتمال رفض الثنائي الشيعي أو أحدهما المشاركة في الحكومة المقبلة والتصرف معها على أنها غير ميثاقية ومخالفة للدستور. فيما رأت أوساط نيابية أن الثنائي يرفع سقفه السياسي ويسجّل موقفاً لتحصيل بعض المكاسب في الحكومة ولاسيما حقيبة المال ومعادلة “جيش وشعب ومقاومة” في البيان الوزاري، وحصر موضوع تطبيق القرار 1701 ونزع السلاح في منطقة جنوب نهر الليطاني.
وفيما أفيد باتصال أجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون برئيس مجلس النواب تمنى فيه عدم مقاطعة الاستشارات والمساعدة في تشكيل الحكومة والتعاون لتطبيق اتفاق الطائف، معرباً له عن ثقة فرنسا بالرئيس سلام، نفى بري حصول الاتصال الذي كان مقرراً بينه وبين الرئيس الفرنسي. وعلّق على مقاطعة الاستشارات وإذا كانت رسالة للخارج بالقول: “لبنان بدو يمشي”. وبدا أن الرئيس بري لن يقفل الباب ويكسر الجرة بل أعلن أنه سيستقبل الرئيس نواف سلام الجمعة”، وشكك بحصول لقاء بين سلام وكتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير”، قائلاً “هيدي فيها إنّ”.
في جدول الاستشارات النيابية، التي أجراها نواف سلام، تحدث نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب “عن نوع من الأمل بعد انتخاب الرئيس عون وتكليف سلام”، داعياً “إلى “أن نتصرف بعقلانية ونفكر بطريقة لا إقصائية”، وقال “من هذا المنطلق دولة الرئيس سيكون أداؤه غير تقليدي وليس لدينا أي مطلب ونريد حكومة تعطي أملاً، والرئيس سلام منفتح على كل الفرقاء وعلى التواصل مع الجميع وليس لديه نيه بإقصاء ولكن لديه مسؤولية للتغيير مع الحفاظ على التوازن”.
لا للمحاصصة الحزبية
– كتلة “تحالف التغيير”، التي تضم النواب مارك ضو ووضاح الصادق وميشال الدويهي، تحدثت “عن حكومة تمثل طموح اللبنانيين لإنقاذ البلد في الاتجاه الصحيح”. وقال ضو “طالبنا بحكومة أصغر حجما تتكوّن من وجوه جديدة تتمثل فيها المرأة بعيداً من المحاصصة الحزبية مع ضرورة لعب دور سياسي كبير ولا خلط للنيابة مع الوزارة ولا عودة إلى الثلاثية جيش شعب مقاومة، مع بعض الصلاحيات التشريعية”. ورد النائب وضاح الصادق على كلام النائب محمد رعد حول التجربة، فقال “بتجربتهم وصل البلد إلى التدمير، فلنر تجربة عون- سلام”.
– كتلة” اللقاء الديمقراطي”، برئاسة النائب تيمور جنبلاط، أكدت “أننا أمام مرحلة تاريخية في لبنان”. وقال جنبلاط “لدينا فرصة لبناء دولة وبلد المستقبل، وهذا ما أكدناه مع الرئيس نواف سلام بعد أن تمنينا له كل النجاح والتوفيق في مهمته الجديدة والصعبة”. وأضاف “من أجل بناء دولة في هكذا ظروف صعبة علينا التواصل مع الجميع”، مؤكداً أنه “لا يمكن لأحد أن يلغي الآخر”، متمنياً “من كل الأحزاب السياسية، وكتلة اللقاء الديموقراطي من ضمنها تخفيف الضغوط والمطالب على دولة الرئيس وفخامة الرئيس لتشكيل حكومة”.
– “اللقاء التشاوري النيابي المستقل”، الذي ضم النواب ابراهيم كنعان وآلان عون وسيمون أبي رميا، شددت “في سياق ما يحكى عن شكل الحكومة، سياسية او برلمانية تكنوقراط، أن الأهم هو وجود ارادة سياسية وراء من سيقترح الوزراء بالتسهيل وإنجاح العهد بخطاب القسم والحكومة بعيداً عن المصالح الخاصة التي أرهقت الدولة”. وأكد كنعان أن “لدى دولة الرئيس المكلف الرغبة بالتواصل مع الجميع، ولدينا تمني كلقاء، على ثنائي “أمل” و”حزب الله”، الذي لديه مسؤولية كبيرة مع سائر الكتل في المشاركة في تحديات المرحلة المقبلة، أن نضع يدنا بيد بعض ونضع الحسابات السياسية جانباً، وأن نتشارك جميعاً في انقاذ البلد”.
– تكتل “الاعتدال الوطني” طالب “بحكومة ممثلة لمكونات البلد لبناء لبنان الجديد. وبالنسبة إلى الشمال لدينا مرافق مهملة، لكن الرئيس عون أكد على الانماء المتوازن وأن خطابه سينفذه بتفاصيله. وطالبنا بالرجل المناسب في المكان المناسب”.
باسيل: لا هزيمة لأحد
– تكتل “لبنان القوي” تحدث باسمه النائب جبران باسيل، الذي دعا “إلى الالتفاف حول الرئيس المكلف كما حول رئيس الجمهورية”، ورأى “أن هناك فرصة لتوازن جديد في البلد ولشراكة فعلية بين اللبنانيين وإصلاح ما يجب اصلاحه بالدولة، وما حصل بتسميته ليس هزيمة لأحد أبداً بل هو انتصار لفكرة الإصلاح على السياسة المعتمدة من المنظومة ولو أن البعض التحق بعملية التصويت إنما هذا أمر يجب أن يحصل ويجب جميعنا أن نلتحق به بالممارسة التي يجب أن تحصل، مؤكداً “أننا لا نقبل أي إقصاء ولا تهميش أحد ولا أحد يستطيع أن يقصي أحداً”. ولفت إلى “أننا لم نطالب رئيس الحكومة المكلف بأي أمر لا بوزارة ولا بعدد ونحن مستعدون للمساعدة إذا كان هذا الأمر متوفراً، ولكن برأينا وليكون هناك حكومة فعالة يجب أن يكون فيها وزراء ممثلون للقوى البرلمانية ولكن أخصائيين ليجمعوا بين السياسة وبين القدرة على العمل والانتاج والإصلاح”.
– تكتل “الجمهورية القوية” أكد باسمه النائب جورج عدوان “أننا نريد أن نبدأ بالجمهورية الثالثة التي تحترم قواعد الدستور والقانون وألا تكون مشابهة للجمهوريات السابقة ومطلبنا الأساسي قبل الأحجام والحصص أن تكون خطة الحكومة خطاب القسم ولا نُريد أن نعود إلى أي معادلات سابقة منها “جيش وشعب ومقاومة”، وشدد على “وجوب أن يكون خطاب القسم خطة الحكومة ووجوب بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها ووجوب أن ننتهي من حكومات الوفاق الوطني”. وقال:”نريد محاربة الفساد وأن يصدر القرار الظني في قضية انفجار المرفأ في الأشهر القليلة المقبلة ولن نقبل بأي خطة تؤدي إلى شطب أموال المودعين ونريد أن يبدأ التفاوض من جديد مع صندوق النقد”. ووجه عدوان رسالة إلى الرئيس بري للفصل بين رئاسته لمجلس النواب وبين رئاسته وتمثيله للثنائي الشيعي، وعدم ممانعة تمثيل الطائفة الشيعية في الحكومة في حال رفض “حزب الله” و”حركة أمل” المشاركة”، سائلاً “نحن لا نعرف مَن تفاهم مع مَن ومَن وعد مَن”.
– “التكتل الوطني المستقل” تمنى على الرئيس المكلف “تأليف حكومة كفاءات تكون على قدر تطلعات المرحلة”، وأكد النائب طوني فرنجية “الوقوف إلى جانب هذا العهد والحكومة”، معتبراً “أننا للمرة الأولى أمام موجة تفاؤلية في البلد وعلينا أن نستفيد من هذه الفرصة وسنقوم بكل ما بوسعنا لإنجاح العهد والحكومة”. وأضاف “لم نتكلم لا بمشاركة ولا غيرها في الحكومة ولدى الرئيس سلام الحكمة الكافية لعدم تفويت هذه الفرصة ولإنقاذ لبنان”.
الجميل: لا إقصاء
– كتلة “الكتائب” أملت “أن تكون هذه الحكومة حكومة كفاءات”، وتركت “شكل الحكومة للرئيس عون والرئيس المكلف”. ورأى النائب سامي الجميل “أن هناك ورشة عمل كبيرة ووزارات مهمة تسهّل الاستثمارات ومواكبة لبنان للتطور ولدى “الكتائب” رؤية لكل القطاعات وسنضعها بتصرف رئيس الحكومة المكلف”. وأوضح “أن الإقصاء هو تقصد عدم تمثيل طائفة ولكن ما نراه اليوم بعيد كل البعد عن أي منطق إقصائي و”يا ريت” ما عشناه نحن في السابق من إقصاء يشبه ما يتحدثون عنه اليوم”. وأضاف “نحن اليوم فتحنا صفحة جديدة من تاريخ لبنان تحت سقف الدستور والقانون وبالشراكة مع كل المكونات في البلد ولا نريد العودة إلى التشجنات”.
– كتلة نواب “الطاشناق” دعت “إلى تشكيل حكومة جامعة مع ضرورة مراعاة الدستور واتفاق الطائف في التمثيل”. وأكد النائب أغوب بقرادونيان “أن لدينا كل الاستعداد للمشاركة في الحكومة”، موضحاً “أن هناك تمثيلاً طائفياً ودولة الرئيس يعرف الدستور أكثر من الجميع والطائفة الأرمنية ستمثل في الحكومة”.
– كتلة “التوافق الوطني” أكدت “أن هذا البلد قائم على توازنات دقيقة وحساسة جداً”. ولفت النائب فيصل كرامي على أنه “من الطبيعي جداً أن نحصل على حقيبة وزارية من دون أن نطالب بها”.
– كتلة “تجدد”، تمنى باسمها النائب ميشال معوض “أن تضم الحكومة أكبر عدد من الكتل السياسية لنجري مصالحة وطنية لا تستثني أحداً كما قال الرئيس رينه معوض، ولكن ليس على حساب الثوابت أو على حساب وضع شروط تعجيزية من قبل الثنائي الشيعي”، معتبراً “أن وجود الثنائي في المعارضة لا يعني إقصاء الطائفة الشيعية، ونحن لا يمكن لنا الدخول بمنطق الإلغاء والغوغائية والدم ونحن نمد اليد لحزب الله وحركة أمل ليكونوا شركاء”.
وسيستأنف الرئيس المكلف استشاراته الخميس مع النواب المستقلين والتغييريين.