أمن وقضاء

شبكة تجسس “عين التينة”: الأجهزة المضبوطة ترصد ترددات “البيجر”

نغم ربيع_"المدن"

شهدت قضية موقوفي شبكة “عين التينة” المتهمة بالتجسس لصالح العدو الإسرائيلي تطوراً جديداً يوم الخميس في 6 شباط، خلال جلسة المحاكمة التي ترأسها رئيس المحكمة العسكرية العميد وسيم فياض. فقد استمع فياض إلى خبراء في الاتصالات والمعلوماتية الذين أكدوا أن الأجهزة التي ضُبطت بحوزة المتهمين الثلاثة في القضية، تتمتع بقدرات متقدمة، بينها إمكانية مسح ترددات الأجهزة اللاسلكية مثل “البيجر”. وهذا يثير علامات استفهام في هذه القضية، لاسيما إذا ما اقترن الأمر بمعطيات سابقة تشير إلى قيام أحد المتهمين بعملية مسح جغرافي في منطقة المشرفية، الذي حصل قبل أسبوعين فقط من اغتيال نائب رئيس حركة حماس، الشيخ صالح العاروري، في كانون الثاني 2024.

الاستماع لخبراء اتصالات
مضى أكثر من عام على توقيف محي الدين حسنة وهادي عواد ورامي الصانع في هذه القضية للاشتباه بهم بالتجسس لصالح العدو الإسرائيلي تحت غطاء شركة أميركية. وسبق وكشفت التحقيقات أن المعدات التي ضُبطت بحوزتهم (كومبيوتر محمول، جهاز SDR، جهاز توجيه Router، هاتفين خلويين، وكاميرا GO PRO MAX) والتي زُوّدتهم بها شركة Monolith الأميركية، وشُحنت من ولاية تكساس عبر DHL، تضمنت تجهيزات متطورة. وقد استمع فياض إلى رأي ممثل وزارة الاتصالات الخبير أنطوان عون، ومهندس الاتصالات في شركة “ألفا” عمر مسعود. وأكد الخبراء أن هذه المعدات تُستخدم لجمع بيانات دقيقة عن شبكات الاتصالات ومواقعها، والتقاط صور بزاوية 360 درجة، فضلاً عن رصد الترددات.

وفيما واصل المتهم حسنة بالتقليل من أهمية هذه الأجهزة، خلال جلسة المحاكمة، زاعماً أنها تُستخدم لتحديث الخرائط، أوضح الخبير عون في إفادته أن بعض هذه الأجهزة، ونوعية جهاز SDR المتطور تُعد معدات متخصصة تُستخدم فقط في أغراض أمنية وعسكرية، ولا حاجة لها في أعمال شركات الاتصالات. كما شكك عون في ادعاءات الموقوفين بشأن تحديث “خرائط المدن الذكية”، مؤكداً أن الترددات المرصودة لا تُستخدم لهذا الغرض، مشيراً إلى أن الأجهزة المضبوطة متطورة بما يكفي لمسح ترددات الأجهزة اللاسلكية مثل “البيجر”.

أجهزة تثير الشكوك
وأشار عون إلى أن عملية المسح الشامل للترددات كانت”ضخمة”، لا سيما أنها شملت مناطق في الضاحية الجنوبية وعلى امتداد الساحل اللبناني من بيروت إلى عمشيت. وكشف عن وجود آلاف الصور المخزنة في الكمبيوتر المضبوط، والتي لم يتمكن من فتحها بسبب تشفيرها بكلمة سر تعود لمستخدم “administrator”. لكن المتهم حسنة نفى معرفته بهذا الأمر.

من جانبه قدّم المهندس مسعود إفادة مشابهة، مؤكداً أن المعدات المضبوطة قادرة على التقاط موجات “البيجر” والأجهزة اللاسلكية وحتى الدرون، مشيراً إلى أنها تثير الريبة بسبب طبيعتها المتقدمة. وأضاف: “رغم خبرتي الطويلة في مجال الاتصالات، هذه هي المرة الأولى التي أرى مثل هذه الأجهزة”. واتفق مسعود مع عون على أن هذه المعدات كان يجب أن تثير شكوك أي مهندس اتصالات.

من جهة أخرى، قدمت هيئة الدفاع عن الموقوفين قسائم تثبت استيراد المعدات بطريقة شرعية، لكن مسعود شكك في كيفية دخولها البلاد، خاصة مع وجود أختام صادرة عن وزارة الاتصالات وإدارة الجمارك، معتبراً ذلك أمراً يثير التساؤلات.”

تأجيل البت بالحكم
بدأت القضية بعد توقيف محي الدين حسنة، مهندس متخصص في الكومبيوتر والاتصالات، وصاحب شركة “Arkon” التي تعمل منذ عام 2011 في مجال تجهيز محطات الإرسال وصيانة وتحسين شبكات الاتصالات في لبنان وخارجه. توسعت الشركة في إيران والعراق، وتعاونت مع شركات مورّدة لأجهزة الاتصالات. عام 2021، تعرّف حسنة على مسؤولين في الشركة الأميركية من (خلال صديقه في إيران يدعى حسين فواز)، حيث طُلب منه تنفيذ مشاريع لتحديث الخرائط في دول متعددة، منها مصر وتركيا ولبنان.

وافق حسنة بسبب حاجته للعمل والمال بحسب أقوله، وبدأ تنفيذ هذه المشاريع في مصر لمدة سنة ونصف، ثم في تركيا لمدة عام. وفي إفادته أمام المحكمة، أقرّ بأن الشركة طلبت منه تنفيذ مشروع لبنان بوقت قصير، وتقاضى 248 ألف دولار على هذا العمل.  نفى حسنة الاتهامات التي تشير إلى أن الشركة وهمية، مقدماً عبر وكيله القانوني مستندات تثبت أن الشركة مسجلة في ولاية تكساس الأميركية، وأن صاحبها يُدعى تايلور.

من جهته، أدلى هادي عواد، المقيم في الضاحية الجنوبية والموظف السابق في شركة حسنة “أكورن” للاتصالات، بشهادته أمام المحكمة. وأشار إلى أن حسنة طلب منه العمل معه بدوام جزئي مقابل 500 دولار شهرياً، حيث اقتصرت مهمته على قيادة سيارة مجهزة لتحديث الخرائط. وفيما نفى عواد أقواله السابقة لدى شعبة المعلومات، التي زعم فيها أنه شكّ منذ البداية في طبيعة المهمة، أكد أنه شعر بالاطمئنان بعد أن أخبره حسنة بوجود ترخيص رسمي للعمل.

أما رامي الصانع، الذي يعمل في مجال التصوير والإخراج، فقد أوضح أنه تولى قيادة السيارة ليومين فقط قبل أن يتم توقيفه في منطقة عين التينة. وأشار إلى أنه تواصل مع حسنة فور توقيفه، حيث حضر الأخير إلى المكان وتم توقيفه بدوره. وأفاد الصانع بأنه تعرف على حسنة عن طريق شقيقته، ووافق على العمل معه لمدة شهر ونصف مقابل 750 دولاراً، نظراً لكونه كان عاطلاً عن العمل حينها. وأضاف أن مهمته كانت تصوير مناطق متفرقة تشمل السوديكو، رأس النبع، الأشرفية، تلة الخياط، عائشة بكار، وعين التينة.
وفي ختام الجلسة، قررت المحكمة تأجيل القضية إلى جلسة أخيرة للمرافعة والنطق بالحكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى