
زار وفد من المحكمة الجنائية الدولية برئاسة المدعي العام للمحكمة كريم خان، سوريا منتصف الشهر الماضي، بناء على دعوة من الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، فهل تكون هذه الخطوة الأولى في مسار تحقيق العدالة في كلّ الجرائم التي حدثت على الأراضي السورية منذ 2011؟
إميل عون، محام جنائي دولي وأستاذ جامعي، يشرح التفاصيل القانونية لهذه القضية في حديث مع “نداء الوطن”، فيقول: “سوريا لم تصادق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تحتاج إلى الصلاحية للنظر في حالة معيّنة، وهي ليست دولة عضو فيها، وبالتالي فإن “الجنائية الدولية” في المبدأ ليست صالحة للنظر في الجرائم المرتكبة في سوريا”.
لكن عون يوضح أنه “يمكن لسوريا في أي وقت أن تنضمّ إلى نظام روما الأساسي وتصبح دولة عضو في “الجنائية الدولية”، لتخضع الارتكابات الحاصلة منذ 2011 لصلاحيتها القضائية، كما يمكن لسوريا اللجوء إلى المادة 12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي، التي تسمح للدولة غير العضو أن تُخضع حالة ما حصلت ضمن أراضيها لصلاحية “الجنائية الدولية”، وهذا الأمر حدث سابقاً، مثلاً مع ساحل العاج في 2003”.
ويتابع عون: “سوريا تستطيع أن توقّع على الانضمام إلى “الجنائية الدولية” أي أن تصادق على نظام روما الأساسي أو أن تخضع بحالة واحدة من خلال المادة السالف ذكرها، من دون أن تكون عضواً دائماً، وهناك خيار ثالث حين يُحِيل مجلس الأمن بموجب الفصل السابع موضوعاً ما إلى “الجنائية الدولية”، ولكن الأمر شبه مستحيل حالياً، ففي حالة المحكمة الخاصة بلبنان، كان وضع روسيا والصين مختلفاً، اليوم باتت الدولتان في موقع أكثر قوّة، ويرجّح أن تستخدم إحدى الدولتين حق “الفيتو” لعدم مرور أي شيء عبر مجلس الأمن”.
وعن مسار التحقيق وكيفية حدوثه في حال انطلق، يشرح عون أن في “الجنائية الدولية”، يقوم المدّعي العام بالتحقيقات، وهي تستغرق عادة وقتاً طويلاً، و”في الحالة السورية هناك اتجاه إلى اعتبار أنها من أكثر الحروب الحديثة الموثقة، لاجتهاد الكثير من المنظمات الدولية والخاصة في توثيق الارتكابات الحاصلة منذ اندلاع الحرب السورية في 2011. وستكون هناك أرضية معيّنة للبدء بالتحقيقات القضائية، التي تأخذ وقتاً بسبب خضوع الإجراءات للنظام الأنغلو – أميركي الذي يستغرق وقتاً أطول”.
ويؤكد عون أن “تحقيقات مكتب مدّعي عام “الجنائية الدولية” لا يمكن أن تقتصر فقط على ارتكابات النظام السابق في سوريا، بل كلّ الجرائم التي ارتكبت منذ العام 2011 من النظام وكلّ الفصائل المقاتلة، مهما كان اتجاهها من معارضة أو مقاتلين غير سوريين أو جيوش غريبة، في حال ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانية مثلاً”.
وعند سؤاله، أجاب عون: “نعم يمكن أن يشمل التحقيق كلّ الارتكابات في حال حصولها من الجيوش والميليشيات الغريبة، كالجيش الروسي والإسرائيلي والأميركي والتركي و”حزب الله” وآخرين، وكلّ الفصائل التي قاتلت في سوريا”. وتطرّق عون إلى مشكلة أخرى في حالة سوريا، وهي أن “الجنائية الدولية” تخاطب الدول بحسب دساتيرها، و”ما يطرح في سوريا هو أن لا وضع دستورياً واضحاً في البلاد حالياً، وهذا قد يثير التساؤل عن الطريقة القانونية التي ستتبعها “الجنائية الدولية” مع سوريا بشكلها الحالي”.