Uncategorized

خطاب للحريري في ذكرى اغتيال والده هو الأول من نوعه منذ تعليق عمله السياسي

سعد الياس ـ «القدس العربي»:

وعلى وقع أغنيات «عالوعد نكمل دربك» و«لا ما خلصت الحكاية» وتحت شعار «بالعشرين عساحتنا راجعين» سيصل الرئيس سعد الحريري عند الساعة الواحدة إلا 5 دقائق وسط عشرات الآلاف من الحشود المتعطشة لزعيم سني والتي ستتجمع في الساحة قرب مسجد محمد الأمين حيث ضريح الرئيس الحريري ورفاقه ليضع إكليلاً ويتلو الفاتحة مع أفراد العائلة قبل أن يلقي خطاباً هو الأول من نوعه منذ تعليقه العمل السياسي قبل 3 سنوات.
كيف سيكون المشهد في الذكرى وماذا سيعلن سعد الحريري؟
عن هذا السؤال، يجيب منسق عام الإعلام في «تيار المستقبل» عبد السلام موسى، فيؤكد لـ«القدس العربي» أن «14 شباط/فبراير لناظره قريب، وما سيعلنه الرئيس الحريري متروك له، وهو صاحب القرار والكلمة الفصل، ونحن في انتظار خطابه، الذي سيكون تأسيسياً للمرحلة المقبلة، وسيحمل أجوبة على كل الأسئلة المطروحة، بكل صراحة وواقعية ومسؤولية بالاستناد إلى الثوابت الوطنية والعربية لنهج الرئيس الشهيد فيق الحريري».

منسق عام الإعلام في «تيار المستقبل» لـ«القدس العربي»: مقبلون على مرحلة جديدة

ويشير موسى «إلى شوق وتوق جمهور التيار ومحبيه للعودة، وتعاطيهم مع تاريخ 14 شباط 2025 باعتباره تاريخاً يختزل بداية جديدة يُنتظر أن يحدد الرئيس الحريري إطارها، شكلاً ومضموناً. فما بعد 14 شباط 2025 لن يكون كما قبله، ومقبلون على مرحلة جديدة لإعادة الأمور الى نصابها الوطني السليم، في ظل العهد الجديد الذي ندعمه، ويمثلنا بخطاب قسمه، وعلى وقع العودة العربية المباركة الى لبنان، التي تقودها المملكة العربية السعودية لاستعادة لبنان إلى الحضن العربي». وسبقت اطلالة الشيخ سعد جولة قام بها على كل من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام والرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، واكتفى بالقول «اشتقتلكم اسمعوني الجمعة».
وما لم يقله منسق عام الإعلام، أوردته معلومات عن أن الحريري الابن سيقدم مقاربة للمستجدات السياسية بعد المتغيرات الداخلية والإقليمية، مستعيداً الأسباب التي أدت إلى تعليق عمله السياسي وفي طليعتها اقتناعه أن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان، في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة. ومن هذا المنطلق، سيشير إلى المتغيرات وإلى عودة الدور العربي والسعودي تحديداً في لبنان في ظل توقعات بالإعلان عن معاودة العمل السياسي وعن مشاركة «تيار المستقبل» في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة.

آخر لحظات الحريري

في هذا النهار، تعود الذكرى بي إلى جلسة اللجان النيابية المشتركة التي كانت تناقش قانون الانتخاب وكنت أواكبها إعلامياً، وقرابة الحادية عشرة من قبل ظهر 14 شباط وصل الرئيس رفيق الحريري إلى المجلس، وصعد على الدرج فاستقبلته قائلاً «لو بكّرت شوي أو تأخرت شوي كنت التقيت بأكثر وزيرين تحبهما» وكنت أقصد وزير العدل عدنان عضوم ووزير الداخلية سليمان فرنجية خصوصاً بعد الحملة الأمنية التي أدت إلى توقيف أعضاء «جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية» التابعة للحريري على خلفية توزيع الزيت مجاناً في بيروت وبعض المناطق.
لم يمض الحريري وقتاً طويلاً في جلسة اللجان بل غادر قبيل الثانية عشرة ظهراً، واعتقد نواب كثر أنه غادر إلى قريطم. ولأن الفترة كانت فترة صوم لدى الطوائف المسيحية، خرجت عند الثانية عشرة ظهراً من بهو المجلس إلى أحد المطاعم المجاورة لأتناول الطعام، فرأيت الحريري في مطعم «Place de l’etoile» في ساحة النجمة مع مجموعة من الصحافيين، وحين همّ بعد وقت بالمغادرة استوقفته مجموعة من السيدات للتحادث وقوفاً في الخارج قبل أن يغادر في موكبه حوالي الساعة الواحدة إلا عشر دقائق.
قبل انطلاق الموكب، ولدى وجودي داخل بهو المجلس النيابي رأيت مسؤول فريق الحماية الخاص بالحريري يحيى العرب يدخل من جهة مكتب الرئيس نبيه بري ثم يعود إلى جهة صالون النواب وكأنه يبحث عن أحد النواب، ثم يغادر.
وفيما كانت جلسة اللجان النيابية منعقدة في القاعة العامة، وفيما كان الوزير السابق فارس بويز يدلي بتصريح في المجلس، وقع الانفجار الضخم عند الساعة الواحدة إلا خمس دقائق واهتزت جدران المجلس وتفتحت أبوابه ونوافذه من شدة العصف علماً أن الانفجار الذي وقع أمام فندق «السان جورج» يبعد كيلومترات عن مبنى المجلس. توقف بويز للحظات وسأل «شو هيدا انفجار؟» في وقت أصيب عديد من النواب بحال من الصدمة نتيجة قوة الانفجار وساد هرج ومرج في أروقة المجلس، في وقت بدا القلق مسيطراً على النائبة بهية الحريري شقيقة الرئيس الشهيد التي غادرت ساحة النجمة.

كيف أمضى رفيق الحريري آخر اللحظات في ساحة النجمة قبل تفجير موكبه؟

ووسط التساؤلات عن هوية المستهدف، شاهدت النائب الراحل نسيب لحود يتحادث مع الصحافي نقولا ناصيف، فأبديت أمامه تخوفي من أن يكون الرئيس رفيق الحريري هو المستهدف من هذا الانفجار القوي. إلا أن لحود إستبعد الأمر وقال لي «لا الرئيس الحريري غادر المجلس منذ ساعة». عندها أوضحت له أنه مكث في أحد المطاعم لفترة من الوقت ثم غادر.
في غضون ذلك، تجمع نواب على درج المجلس، وكان بينهم وزير الداخلية سليمان فرنجية الذي بدأ اتصالات بقيادات أمنية للوقوف منهم على طبيعة الانفجار، في وقت كان عدد من نواب «تيار المستقبل» يغمزون ضمناً من قناة النظام السوري ومسؤوليته عن أي تفجير بعد محاولة اغتيال النائب مروان حمادة. ووصل الأمر بأحد النواب في بيروت إلى السخرية قائلاً «هذه إسرائيل مسؤولة عن التفجيرات».
بعدها، قمت بجولة قصيرة سيراً على الأقدام في محيط المجلس فشاهدت هول التفجير الذي كان يشبه إلى حد ما خلّفه انفجار مرفأ بيروت وكان الزجاج متناثراً في الشوارع، فيما المصوّرون توجه بعضهم على دراجات نارية إلى مكان الانفجار ليعاينوا موقع الانفجار ولتبدأ الصورة تُبث على الهواء حول سيارات الموكب، ولتتضح الحقيقة حول استهداف رفيق الحريري والتي لم تُعلَن إلا قرابة الثالثة من بعد الظهر بعد التأكد من رؤية جثته ونقلها إلى مستشفى الجامعة الامريكية التي توجّه إليها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائبة بهية الحريري.

مفتي الجمهورية

وعشية إحياء ذكرى 14 شباط، زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد من المفتين والعلماء، ضريح الحريري، وبعد قراءة الفاتحة عن روحه ورفاقه الأبرار، قال «في الذكرى العشرين لغياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ما زالت الساحة اللبنانية والعربية تفتقد إلى هذه القامة الوطنية العربية الكبرى، التي استطاعت أن تشكل بدورها رمزاً وطنياً وعربياً ودولياً، يمثل الوجه الحضاري للبنان ودوره في هذه المنطقة من العالم».
وأكد المفتي دريان «أن خسارتنا للرئيس الشهيد، هي خسارة وطنية وعربية وأخلاقية وإنسانية كبرى، جسدها الرئيس الشهيد، في ممارساته الوطنية والسياسية، التي تجاوزت بعمقها الخنادق المذهبية، والكهوف الطائفية التي ما زلنا نعانيها في هذا الغياب الكبير، الذي نفتقده فيه اليوم، وما أحوجنا في هذه الأيام الصعبة إلى أمثاله».
واضاف: «مع بداية عهد جديد، وحكومة منجزة منذ أيام، نفتقد في هذه المرحلة إلى حكمة الرئيس الشهيد، وتواصله الدائم مع دار الفتوى، ومع كل مكونات الشعب اللبناني، والاستماع إليهم ومشاركتهم في صناعة مستقبل لبنان، في إطار نهج الاعتدال والوسطية، والحرص على القيم الإسلامية والوطنية، الهادفة إلى بناء لبنان، وخدمة الإنسان فيه، والتزام الدور الإسلامي والوطني لموقع الرئاسة، لتكون ملتقى الجميع، وفي خدمة لبنان، ليبقى هذا الوطن سيداً حراً عربياً مستقلاً متكاملاً مع أشقائه العرب، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية، ومصر العزيزة، وكل الأشقاء العرب». وختم «في هذه المناسبة الأليمة، نتوسم خيراً بدور الرئيس سعد الحريري، حامل أمانة الإرث الوطني العامل على نهضة لبنان ورسالته الحضارية في هذا الشرق العربي». ثم توجه المفتي دريان والوفد المرافق الى بيت الوسط والتقى الرئيس سعد الحريري واستذكر معه مسيرة والده حيث كانت للحريري ايضاً استقبالات شملت منسقة الأمم المتحدة في لبنان والسفراء الروسي والمصري والهندي بعد السفيرة الامريكية.
وفي المواقف، كتب الرئيس تمام سلام عبر منصة «إكس»: «في الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نستذكر رجلاً استثنائياً ترك بصمة لا تمحى في تاريخ لبنان الحديث. كان الرئيس الحريري رمزاً للرؤية الوطنية، والبناء، والاعتدال، والتقدم. حمل في قلبه حلماً بوطن يتجاوز الأزمات، ويصنع مستقبلاً مشرقاً لأبنائه، وقد عمل بلا كلل لتحقيق ذلك الحلم رغم الصعوبات والتحديات».

الحريري رمز للبناء

وأضاف «نستذكر في هذه المناسبة قيمه الوطنية والإنسانية، ونتطلع إلى أن تبقى ذكراه حافزاً للوحدة والعمل من أجل مستقبل أفضل للبنان. قد يرحل الرجال العظماء بأجسادهم، لكن أفكارهم وأحلامهم تبقى خالدة في ذاكرة الأجيال. رحم الله رفيق الحريري، وأسكنه فسيح جناته، وألهم لبنان طريق التعافي والازدهار».
وكتب الوزير السابق جمال الجراح: «عشرون سنة مرت ولا تزال تحتل العقل والقلب والذاكرة. حزننا عليك لم يبق في وجداننا مكانا لأي حزن آخر. رحمك الله رفيق الحريري».
كذلك، لفت ميشال فرعون إلى أنه «بعد أن استودع الرئيس الشهيد رفيق الحريري اللبنانيّين ليرحل بواسطة يد الإجرام، كأنه اليوم يحيّيهم من جديد وهم ينطلقون في بناء الوطن الذي بدأ هدمه قبل قتله».
وكتب «تحية للرئيس الشهيد والوفاء له ولجميع الشهداء الذين ماتوا ليحيا لبنان، على أمل أن نبني وطناً يحلو العيش فيه بدل الموت من أجله».
وأكد النائب أديب عبد المسيح أن «الشهيد لا يموت، فكيف إذا كان رفيق الحريري؟». وقال «تحلّ ذكرى استشهاده هذا العام وسط واقع سياسي وإقليمي مختلف، مما يجعل استذكار مسيرته أكثر إلحاحاً».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى