تحليل السياسات

إسرائيل تضاعف عملياتها ضد كوادر «حزب الله» في لبنان وتزعم استهداف البنية التحتية لتمويله

سعد الياس «القدس العربي»:

بارك «حزب الله» للجمهورية الاسلامية الايرانية «بتحقق النصر الإلهي المؤزّر الذي ‏تجلّى في الضربات الدقيقة والمؤلمة التي ‏وجهتها لكيان العدو الصهيوني والتي حطمت هالة منظوماته الدفاعية ‏ودكت عمق كيانه المصطنع ضمن عملية «الوعد الصادق 3»، وأيضًا بالرد الصاعق على العدوان ‏الأمريكي على منشآتها النووية ‏في العملية النوعية «بشارة الفتح»، وما هذا إلا بداية ‏مرحلة تاريخية ‏جديدة في مواجهة الهيمنة الأمريكية والعربدة الصهيونية في ‏المنطقة».
وبعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران وانحسار الحرب والقصف المتبادل، عادت الحرارة إلى الملفات الداخلية في لبنان، في ظل ترقب للتوجهات التي ستسلكها الدولة اللبنانية في ما خص موضوع حصرية السلاح وما إذا كانت ستتخذ وتيرة مغايرة لما كانت عليه ولاسيما بعد زيارة الموفد الأمريكي توم برّاك والرسائل التي نقلها حول منح الحكومة اللبنانية مهلة 3 أسابيع ليتبلّغ منها قراراً حازماً ببدء تنفيذ هذا البند والتي أعقبها زيارة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى رئيس الجمهورية جوزف عون في قصر بعبدا للدفع في اتجاه تسريع هذه القضية.

استهداف «حزب الله»

تزامناً، لوحظ أن إسرائيل تقصّدت في الأيام القليلة الماضية مضاعفة استهدافاتها لكوادر من «حزب الله» في غير منطقة من جنوب لبنان في سياق الضغط العسكري على لبنان للإسراع بتسليم السلاح، في وقت يطلب أركان الدولة من المسؤولين الأمريكيين الضغط على إسرائيل لتنفيذ البند المتعلق بانسحابها الكامل من كل الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها على سيادة لبنان وإطلاق الأسرى.
وفي سياق الانتهاكات لوقف النار، استهدفت مسيّرة إسرائيلية شاباً في بلدة المنصوري، وتم نقله إلى المستشفى اللبناني الإيطالي في صور للمعالجة. وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن «أن قنبلة ألقتها محلقة للجيش الإسرائيلي على بلدة المنصوري أدت إلى إصابة مواطن بجروح». وأطلق الجيش الإسرائيلي النار على شاحنة تنقل ردماً في بلدة ميس الجبل، وحلّق الطيران المسيّر في أجواء محيط مجرى نهر القاسمية والجوار، وسُمِع دوي انفجار جنوب مدينة صيدا.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت بصاروخين سيارة على طريق كفردجال، وأدت إلى اشتعالها وسقوط 3 شهداء «تم تنفيذها بتوجيه استخباري دقيق في منطقة جنوب لبنان وقضت على هيثم عبد الله بكري، رئيس شبكة «الصادق» للصرافة الذي يعمل بوعي كامل مع حزب الله لتحويل الأموال لدعم الأنشطة الإرهابية للتنطيم».
وإدّعى «أن شبكة «الصادق» للصرافة تُستخدم كبنية تحتية لتخزين وتحويل الأموال بهدف تمويل أنشطة حزب الله، بتمويل وتوجيه من فيلق القدس الإيراني»، زاعماً «أن هذه الأموال تُستخدم لأغراض عسكرية تشمل شراء وسائل قتالية، معدات إنتاج، ودفع رواتب العناصر، إلى جانب تمويل العمليات الإرهابية واستمرار أنشطة «حزب الله»».

مخابرات الجيش توقف أبرز قياديي تنظيم «الدولة»… وكبير مستشاري «الدفاع» البريطانية في بيروت

وأضاف: «خلال نهاية الأسبوع الماضي، قضى جيش الدفاع في إيران على المدعو بهنام شهرياري، قائد الوحدة 190 التابعة لفيلق القدس الإيراني والذي كان يدير بشكل حصري اجهزة نقل مئات ملايين الدولارات سنويًا إلى فيلق القدس وأذرعه والتي تضمنت محاور لتحويل الأموال من فيلق القدس إلى حزب الله، عبر تسويات بين مكاتب صرافة في تركيا، العراق، والإمارات مع شبكات صرافة لبنانية»، معتبراً «أن القضاء على هيثم بكري وعلى المدعو بهنام شهرياري يشكّل ضربة قاسية لمسارات تمويل إيران لمنظمة حزب الله».
وألقت طائرة مسيرة إسرائيلية، صباح أمس الأربعاء، قنبلة بالقرب من مزارعي التبغ في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اليوم أنه لم تقع إصابات إثر القنبلة، مشيرة إلى تسجيل تحليق للطيران المسير الإسرائيلي على علو منخفض، في أجواء منطقة صور في جنوب لبنان.
وتشن إسرائيل غارات في جنوب لبنان وشرقه وفي الضاحية الجنوبية لبيروت رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، كما لا تزال قواتها متواجدة في خمس نقاط في جنوب لبنان.
واعتبر «الحزب» في بيان «أن الرد البطولي المباشر وجّه رسالة حاسمة للإدارة الأمريكية وللكيان ‏الصهيوني ولكل الطغاة ‏والمستكبرين»، وأكد «أن زمن الاستعلاء والتجبر على ‏شعوب المنطقة قد ولّى إلى غير رجعة، وأن الجمهورية ‏الإسلامية بقيادتها الحكيمة ‏وشعبها المقدام وجيشها وحرسها الأبطال، لم يخفهم قصف ولا تهديد ولا ‏وعيد، ولم ‏يثنيهم شيء عن المضي قدمًا في الدفاع عن سيادتهم وحقوقهم بكل بسالة وحزم، ‏وإن كل ‏رهان على ضعف أو وهن أو تراجع سيصيب هذه الأمة المؤمنة قد خاب وسقط‎».
وتوجّه «حزب الله» بأسمى آيات التبريك والتهنئة إلى ‏الإمام علي ‏الخامنئي وإلى رئيس الجمهورية الإيرانية وحكومته وإلى الجيش والحرس الثوري والشعب ‏الإيراني العزيز»، وقال «إننا في حزب الله نؤكد وقوفنا الحاسم والثابت إلى ‏جانب الجمهورية الإسلامية قيادةً وشعبًا، وندعو جميع ‏شعوب الأمة إلى استلهام هذا ‏النصر العظيم، بتوحدها ووقوفها مع الحق في مواجهة فراعنة هذا ‏العصر ‏بما يحقق للأمة عزتها وكرامتها، وأن القوة المتمثلة بالإرادة والإيمان هي الكفيلة ‏بهزيمتهم وردّ كيدهم، ‏وبأن كل استسلام أو خنوع وتنازل لن يزيد أعداءنا إلا تعجرفًا ‏وتسلطًا على منطقتنا».

أرباح وخسائر

وركزت قناة «الجزيرة» القطرية، في أكثر من عنوان في الساعات الماضية على ملمح الخسائر والأرباح في الحرب بين إيران وإسرائيل. وتحت عنوان «الفاتورة القاسية.. إسرائيل تنزف المليارات في مواجهة إيران»، قالت القناة إن إسرائيل «تكبدت كلفة باهظة جراء مواجهتها مع إيران قبل إعلان ترامب وقف إطلاق النار، لكن الخسائر الإجمالية لم تتحدد بشكل نهائي، نظرا إلى أنها ممتدة إلى وقت مقبل في عدة مجالات».
وأنفقت إسرائيل حوالي 5 مليارات دولار في الأسبوع الأول من الهجمات على إيران، وفقًا لموقع «فايننشال إكسبريس»، بينما بلغت النفقات اليومية للحرب 725 مليون دولار، منها 593 مليون دولار خُصصت للهجمات، و132 مليون دولار للإجراءات الدفاعية والتعبئة العسكرية، حسب ما نقلت قناة الجزيرة.
ووفقاً للتقديرات التي أوردتها قناة الجزيرة، فإن تكلفة أضرار إسرائيل بلغت ما بين 4.5 و5 مليارات شيكل (1.2 ـ 1.35 مليار دولار) وذلك نتيجة الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمناطق المدنية والمنشآت جراء مئات الصواريخ والمسيَّرات الإيرانية التي استهدفت عمق الأراضي الإسرائيلية، فيما وصل عدد القتلى الإسرائيليين جراء الهجمات الإيرانية الأخيرة إلى 28 شخصاً، بينما أصيب نحو 3430 بجروح متفاوتة.

الوفد البريطاني

في الحركة السياسية وما له علاقة بالجنوب، أبلغ رئيس الجمهورية المستشار الأول لدى وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الادميرال إدوارد ألغرين خلال استقباله في قصر بعبدا في حضور السفير البريطاني في لبنان هاميش كويل، «أن لبنان يعتبر أن التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» عامل أساسي لحفظ الاستقرار والأمان على الحدود اللبنانية الجنوبية، لذا يعلق آمالاً كبيرة على دعم الدول الأعضاء في مجلس الامن الدولي ومنها بريطانيا كي يتم التمديد في موعده من دون اية عراقيل». واكد «ان وجود «اليونيفيل» في منطقة جنوب الليطاني يساعد كثيراً في تطبيق القرار 1701 خصوصاً ان التعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية قائم على التنسيق الدائم وفق مندرجات القرارات الدولية ذات الصلة».

الحزب يبارك لإيران بـ«النصر الإلهي»: زمن الاستعلاء ولّى إلى غير رجعة

وأشار رئيس الجمهورية إلى «أن استمرار إسرائيل في احتلالها التلال الخمس ومحيطها لا يزال يعرقل استكمال انتشار الجيش حتى الحدود علماً أنه حيثما حلّ الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني تم تطبيق قرار الدولة اللبنانية بحصرية السلاح في أيدي القوات الأمنية النظامية وحدها، مع إزالة كل المظاهر المسلحة»، مشدداً على «أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات الجنوبية وامتدادها أحياناً إلى مناطق لبنانية أخرى في الجبل والضاحية الجنوبية من بيروت يبقي التوتر قائماً ويحول دون تطبيق ما تم الاتفاق عليه في تشرين الثاني/أكتوبر الماضي من إجراءات تحفظ سيادة لبنان وأمنه واستقراره».
وأجرى الرئيس عون مع المسؤول البريطاني جولة أفق تناولت التطورات الإقليمية الراهنة ومرحلة ما بعد وقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية – الإيرانية وإسرائيل، إضافة إلى الأوضاع في الجنوب اللبناني وعلى الحدود اللبنانية ـ السورية.
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية حيث تناول اللقاء عرض لتطورات الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية.
ولمناسبة العام الهجري الجديد وعشية حلول ذكرى عاشوراء، توجه الرئيس بري من اللبنانيين عامة والمسلمين وشعوب الأمتين العربية والإسلامية خاصة بالتهنئة، متمنياً «أن تشكل هاتان المناسبتان بما تمثلان من قيم في التضحية والصبر والإيمان والإصلاح والاستقامة والوحدة محطة لتعزيز هذه العناوين والمفاهيم في النفوس وفي الأداء والسلوك لما فيه ازدهار الإنسان ومنعة الأوطان»، داعياً «إلى إحياء مراسمهما بما يعزز مناخات الوحدة وبما يحفظ ويصون رساليتهما وخلودهما وسموهما الروحي والإنساني والقيمي فحب الأوطان من الإيمان».

عملية أمنية

في شق أمني آخر، بعد سلسلة عمليات رصد ومتابعة أمنية، أوقفت مديرية المخابرات المواطن (ر.ف.) الملقب بـ«قسورة»، وهو أحد أبرز قياديي تنظيم «الدولة الاسلامية»، وشارك في التخطيط لعمليات أمنية.
وضبطت المخابرات في حوزته كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر الحربية، بالإضافة إلى أجهزة إلكترونية ومعدات لتصنيع الطائرات المسيّرة.
وكان الموقوف قد تسلّم قيادة التنظيم في لبنان بعد توقيف سلفه المواطن (م.خ.) الذي عيّنه التنظيم «والي لبنان»، والملقب بـ«أبو سعيد الشامي»، مع عدد كبير من القادة نتيجة عملية نوعية لمديرية المخابرات بتاريخ 27 /12 /2024. وفي يوم الإعلان عن توقيف قائد «داعش» في لبنان، أعلنت وزارة الداخلية السورية الثلاثاء القبض على جميع أفراد «خلية تنظيم داعش» التي نفذت تفجير كنيسة مار إلياس بالعاصمة دمشق.
والأحد، أطلق «انتحاري النار» داخل الكنيسة ثم فجّر نفسه بواسطة سترة ناسفة، ما أسفر عن 25 قتيلا و63 مصابا، وفق وزارتي الداخلية والصحة بسوريا.
وتكثف الجارتان لبنان وسوريا تعاونهما الأمني لمواجهة المخاطر التي تهددهما، ولا سيما أنشطة تنظيم «داعش» الإرهابي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى