تحليل السياسات

لبنان: أولى جلسات حكومة «الإصلاح والإنقاذ» اليوم وأمامها تحديات البيان الوزاري

سعد الياس_«القدس العربي»:

تعقد حكومة «الإصلاح والإنقاذ» أولى جلساتها اليوم الثلاثاء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ومشاركة رئيسها نواف سلام والوزراء بعد التقاط الصورة التذكارية على أن يتم تأليف لجنة وزارية لصياغة البيان الوزاري الذي ستنال الحكومة الثقة على أساسه بناء على عناوين أبرزها كيفية استكمال اتفاق وقف اطلاق النار والقرار 1701 والانسحاب الإسرائيلي وتطبيق ما ورد في خطاب القسم لجهة احتكار الدولة لحمل السلاح ومعالجة الازمات الاقتصادية والمالية إضافة إلى ما استجد من توترات أمنية على الحدود اللبنانية السورية بين «هيئة تحرير الشام» وعشيرتي زعيتر وجعفر تحت عنوان سعي الإدارة السورية الجديدة لضبط الحدود ووقف عمليات التهريب عبر المعابر.

توغل دبابات إسرائيلية

وقد شهدت الحدود الشرقية هدوءاً ملحوظاً في الساعات القليلة الماضية ولم يُسجّل أي إطلاق نار بعد انتشار الجيش اللبناني بناء لتوجيهات الرئيس جوزف عون وانسحاب مقاتلي أبناء العشائر خلف الحدود التي ينتشر فيها الجيش.
وأصدرت عشيرة آل جعفر بياناً حول آخر التطورات، اكدت فيه «على العلاقات الاخوية بين الشعبين اللبناني والسوري» وأعلنت «أننا سحبنا شبابنا وهُجّرت عائلاتنا من منازلها تاركين للدولة والجيش معالجة الأمور».
جنوباً وعلى الحدود تحديداً، توغلت دبابات إسرائيلية، بعد ظهر أمس الاثنين، في اتجاه أطراف بلدتي يارون وعيتا الشعب. وحسب ما أعلنت « الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية، تم تسجيل توغل دبابة ميركافا إسرائيلية في اتجاه أطراف بلدة يارون الجنوبية، وأطلق جنود إسرائيليون النار من أسلحتهم الرشاشة بشكل مباشر على أحد المنازل في حي الصوانة في بلدة يارون، بالتزامن مع اقتحام مجموعة من الجنود الإسرائيليين للمنزل.
كما توغلت بعد ظهر أمس، عدة دبابات ميركافا وجرافة عسكرية إسرائيلية إلى الأطراف الجنوبية لبلدة عيتا الشعب الجنوبية وعملت الجرافة على رفع ساتر ترابي في المنطقة، ثم انسحبت القوة الإسرائيلية.

الحاج حسن رداً على أورتاغوس: «حزب الله» لم يُهزَم وعلى الدولة تحقيق الانسحاب الإسرائيلي

يذكر أنه كان تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي. ووافقت الحكومة اللبنانية على استمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق حتى 18 فبراير/شباط الحالي. ولم تلتزم إسرائيل بتنفيذ الاتفاق منذ دخوله حيز التنفيذ.

انتشار الجيش جنوباً

وبالتوازي مع الانسحابات الإسرائيلية من القرى استكمل الجيش اللبناني انتشاره في بلدات رب ثلاثين وطلوسة وبني حيان بعدما انسحب منها الجيش الإسرائيلي، وقام الجيش اللبناني بتسيير دوريات مؤللة على الطرقات وشرع بإزالة السواتر الترابية والردميات، وباشر التفتيش عن القنابل والذخائر غير المنفجرة بين البيوت وعلى الطرقات. ودعت بلديات البلدات الثلاث المواطنين إلى الالتزام بتعاليم الجيش وعدم الدخول اليها الا بعد أن تصبح آمنة وخالية من المتفجرات.
في المواقف، رد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن على ما قالته نائبة المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، فرأى أنه «ليس جديداً، وهي عندما تتحدث عن شكر العدو الإسرائيلي لأنه هزم «حزب الله» حسب تعبيرها، فهذا تأكيد متجدد عن التماهي الأمريكي الكامل مع العدو الصهيوني» مشدداً على «أن حزب الله لم يُهزَم، وهو مع باقي حركات المقاومة متجذر في الأرض، علماً أن هذا الكيان الغاصب الذي شكرته، سيزول يوماً من الوجود، ونحن لم ولن تتغيّر قناعتنا مهما اشتدت المحن والظروف».
ورأى الحاج حسن «أن كثيراً من أدعياء السيادة الذين لطالما تباكوا على السيادة والقرار الوطني اللبناني، لم ينطقوا بكلمة واحدة جراء تصريحات أورتاغوس وتدخلها في تشكيل الحكومة اللبنانية والشأن اللبناني، ولم يصدروا بياناً، ولم تجتمع أحزابهم وشخصياتهم، وكأنهم لم يسمعوا ما قيل، بل في الحقيقة، أنهم سمعوا ولا يريدون أن يعلّقوا لأسباب أقلها أنهم عاجزون، وأكثرها أنهم متماهون، وفي الحالتين، عليهم أن يُقلعوا عن حديث السيادة».
ومع اقتراب تاريخ 18 شباط موعد انسحاب العدو الإسرائيلي من البلدات اللبنانية، شدد الحاج حسن على «ضرورة أن تصعّد الدولة اللبنانية بكل مسؤوليها ومستوياتها السياسية والديبلوماسية والعسكرية والأمنية، العمل والضغوط بكل الوسائل حتى يتم الانسحاب الإسرائيلي الكامل من كل الأراضي اللبنانية حتى آخر حبة تراب، فضلاً عن المطالبة والضغط على الدول الراعية لهذا الاتفاق، خصوصاً على الولايات المتحدة وفرنسا لإتمام هذا الانسحاب».

استمرار انتهاكات إسرائيل ودباباتها تتوغل في اتجاه أطراف بلدتين جنوب لبنان

فإن النائب علي فياض وخلال تشييع شهداء لـ«حزب الله» في بلدة الخيام، قال: «من هذه البلدة، ومن تشييع الشهداء الذين قاتلوا كاستشهاديين حتى الرمق الأخير والطلقة الأخيرة في المواجهة البرية التي حالت دون أن يحقق العدو الصهيوني أهدافه، ودون أن يتمكن من التغلغل في أرضنا، وأمام جثامين شهدائنا بكل رمزيتهم وقيمتهم ودَين دمائهم بأعناقنا، كي نقول بالفم الملآن وبالحناجر الملتهبة والإرادات الراسخة والقناعات التي لا تتراجع، ان المقاومة باقية ومستمرة وأننا متمسكون بإرادة المواجهة دفاعاً عن وطننا وترابنا وأرضنا ومياهنا وسمائنا وأهلنا، وانه لو اجتمعت كل الدنيا، الأمريكيون وغيرهم، لن نتراجع قيد أنملة عن حقنا في الدفاع عن هذا الوطن وهذه الأرض وهذه القرى».
وأضاف: «إن مسار الإنقاذ والتعافي الذي يعد به المسؤولون اللبنانيون لا بد أن يمر بحلقة أساسية اسمها الانسحاب الإسرائيلي الكامل، فلا يمكن لهذا المسار أن يمضى قدماً وأن ينجح في تحقيق أهدافه ما لم ينسحب هذا العدو انسحاباً كاملاً ناجزاً عن أرضنا، وأن بقاءه على أي شبر من أرضنا اللبنانية إنما هو احتلال يجب أن يواجه بصورة حاسمة من قبل اللبنانيين جميعاً دولة ومجتمعاً وأحزاباً ومقاومة».
على المستوى الشعبي، أثارت تصريحات المسؤولة الأمريكية غضبًا عارمًا، حيث اتهمت بالتعدي على سيادة وكرامة لبنان واللبنانيين الذين لم يتجاوزوا بعد أهوال عدوان إسرائيل الأخير، خاصة مع خروقاتها المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار واستمرار غاراتها وجرائمها بزعم ضرب أهداف وعناصر لـ «حزب الله».
وتعبيراً عن غضبهم، نفّذ لبنانيون وقفة احتجاجية في بيروت رفضاً لشكر أورتاغوس لإسرائيل على «هزيمة حزب الله» حسب وكالة الأناضول.
وكان عدد من مناصري «حزب الله» تجمّعوا على مدخل مطار بيروت الدولي، حاملين أعلام الحزب وصورًا لأمينه العام السابق حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل أواخر سبتمبر/أيلول 2024 بغارة عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية باستخدام صواريخ مضادة للتحصينات. في الأثناء، عزّز الجيش اللبناني انتشاره أمام مدخل المطار، دون حصول أي إشكالات تُذكر.

ردود شعبية

كما نفّذ عدد من المواطنين تجمعًا عند مثلث طيرحرفا ـ الجبين جنوب لبنان استنكارًا لزيارة أورتاغوس إلى المنطقة. وشارك في الاعتصام أهالي القرى التي دمّرت منازلهم في الحرب وجرفتها وهدتمها وفجّرتها إسرائيل.
بموازاة ذلك، عبّر لبنانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن غضبهم واستنكارهم لتصريحات أورتاغوس، مؤكدين أنها تنطوي على ازدراء للبنان واللبنانيين وتضرب بالسيادة اللبنانية عرض الحائط.
ودعا مواطنون لتنظيم تحركات ترفض مثل هذه التصريحات «الجاهلة» والتي تتناسى أن لبنان الرسمي والشعبي يعد إسرائيل عدوا له، وليس فقط «حزب الله» وأن لبنان كله ذاق مِرارا ويلات الحروب الإسرائيلية وتعرّض ولا يزال لاحتلال جزء من أراضيه، كما أن الخروقات والتدمير الممنهج لقراه لم تتوقف رغم اتفاق وقف إطلاق النار.
وبزعم التصدي لتهديدات من «حزب الله» ارتكب الجيش الإسرائيلي مئات الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، ما أسفر عن 73 قتيلا و265 جريحا، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات لبنانية رسمية.
وتضمن الاتفاق مهلة 60 يوما، تنسحب خلالها إسرائيل من البلدات التي احتلتها في جنوب لبنان خلال الحرب.
لكن تل أبيب أخلت بالاتفاق عبر الامتناع عن تنفيذ الانسحاب الكامل خلال المهلة التي انتهت فجر 26 يناير/ كانون الثاني 2025، قبل أن تعلن الولايات المتحدة عن اتفاق إسرائيلي لبناني على تمديدها حتى 18 فبراير/ شباط الجاري.

خاتم نجمة داوود

التعليقات والاستنكارات على تصريحات أورتاغوس لم تقف عند هذا الحد، إنما أثار مزيداً من الجدل إقدامها على ارتداء خاتم برمز نجمة داوود خلال لقائها الرئيس اللبناني. بينما أفادت صحيفة «النهار» اللبنانية، بأن أورتاغوس عادت ونزعت الخاتم الذي يرمز لإسرائيل، بعد لقائها الرئيسين سلام ونجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
لكن الجدل لم يقف هنا، فقبل مغادرتها لبنان، نشرت أورتاغوس عبر حسابها على منصة «إكس» صورة لها مع ضابط بالجيش اللبناني وهي تحمل صاروخاً وأرفقتها بتعليق: «كل هذا في يوم عمل».
ووفق إعلام محلي، فالصاروخ الذي تحمله إيراني الصنع، بينما رجّح البعض أن يكون من المخازن التابعة لـ«حزب الله» والتي ضبطها الجيش اللبناني، وذلك من دون أي تأكيد أو نفي رسمي في لبنان.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالاً عن 4 آلاف و104 قتلى و16 ألفاً و890 جريحاً، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 أيلول/سبتمبر الماضي.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في لبنان وفلسطين وسوريا، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى