تحليل السياسات

لبنان ينأى بنفسه عن الحرب والرئيس عون ينوّه ضمناً بموقف «حزب الله» للحفاظ على الاستقرار

سعد الياس «القدس العربي»:

يحافظ لبنان على سياسة النأي بالنفس عن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، ومازال «حزب الله» ملتزماً بقرار عدم التدخل في هذا الصراع، خصوصاً كما يرى خبراء عسكريون أن أي تدخل للحزب في هذه المواجهة المفتوحة لن يبدّل من موازين القوى. وقد حضرت التطورات العسكرية في جلسة مجلس الوزراء حيث أشار رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى «دقة الوضع في المنطقة ووجوب القيام بالمستحيل لإبعاد لبنان عما يحصل من صراعات لا دور لنا فيها أو علاقة بها»، ونوّه «بمواقف الفاعليات اللبنانية كافة للمحافظة على الاستقرار، خصوصاً مع بداية موسم صيف واعد»، وأسف «لإقفال مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت من وقت إلى آخر نتيجة الظروف الأمنية»، مشيداً «بالجهود التي يبذلها وزير الأشغال العامة والنقل لمعالجة أوضاع الطيران».
وأمل الرئيس عون «ألا يؤثر الوضع الإقليمي على الفرص المتاحة أمام لبنان»، داعياً «إلى الحفاظ على التضامن الوزاري، والتزام الجميع بالقرارات التي تُتخذ داخل المجلس»، لافتاً إلى «أن الاعتراض على أي قرار يجب ألا يتحول إلى عرقلة للمشاريع».
وأدان رئيس الحكومة نواف سلام «العدوان الإسرائيلي الخطير على إيران»، وأكد «ضرورة استمرار العمل على تثبيت الاستقرار ولا سيما في الجنوب والحؤول دون زج لبنان أو توريطه بأي شكل من الأشكال في الحرب الاقليمية الدائرة مما يؤثر سلباً على تعافيه الذي نعمل جميعاً عليه وما قد يترتب عليه من تداعيات لا مصلحة لنا فيها ولا قدرة لنا على تحملها».

لا انخراط في الحرب

وأشارت مصادر مطلعة إلى عدم وجود مؤشرات لدى حلفاء طهران في لبنان للانخراط في الحرب على الرغم من صدور مواقف منددة بالعدوان الإسرائيلي على إيران. وقد رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين عز الدين «أن إيران اليوم قوية وقادرة على المواجهة، حتى وإن بقيت وحدها في الساحة في وجه كل من يكنّون العداء والشر لها، وهي تستطيع الصمود لتبقى الدولة الإقليمية العظيمة التي لن يستطيع أحد النيل منها، خاصة أنها باتت أقوى بأضعاف مما كانت عليه مع انتصار الثورة الإسلامية، إن كان على مستوى الجيش أو قيادة الحرس الثوري، أو حتى على صعيد الإمكانيات والقدرات العلمية والعسكرية والتكنولوجيا، وما إلى ذلك من مؤشرات، رغم كل ما تعرضت له من حصار وحروب ومؤامرات منذ انطلاقتها، من الحصار السياسي والاقتصادي والعسكري، إلى حرب السنوات الثماني المفروضة من العراق». ولفت عز الدين إلى «أن الجمهورية الإسلامية، التي صمدت طوال العقود الماضية وخرجت أقوى، تحوّلت إلى دولة ذات سيادة معترف بها دوليًا، تُعدّ من الدول الإقليمية الأقوى من حيث القدرات العسكرية والعلمية والتقنية».

تأجيل البدء بتسليم السلاح الفلسطيني… وسلام يوضح: لم يصدر أي إعلان لأي موعد رسمي

وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي خريس «أن حركة أمل تقف بصلابة إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في معركتها المشروعة ضد الكيان الصهيوني، الذي لا يزال يشكل التهديد الأكبر لشعوب المنطقة، وللأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».
وشدد «على ضرورة احترام القرار الدولي 1701، ووقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة»، معتبرا «أن قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» تلعب دورًا مهمًا في حفظ الاستقرار، وأي استهداف لها أياً كان مصدره لا يخدم إلا إسرائيل، ويشكل خدمة مجانية لأجندتها العدوانية». وفي الشأن الداخلي، دعا خريس «الحكومة اللبنانية إلى التعامل بجدية ومسؤولية مع ملف إعادة الإعمار»، مؤكدًا «أن القرى الجنوبية التي دُمرت بفعل العدوان، تحتاج إلى أكثر من بيانات، تحتاج إلى خطة طوارئ شاملة، تبدأ من تعويض المتضررين وتنتهي بإعادة الحياة إلى طبيعتها».
واستغرب «لقاء سيدة الجبل» في بيان «عدم عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء كاملاً، ومن ضمنهِ وزراء «حزب الله ـ أمل»، من أجل إصدار قرار واضح بنأي لبنان عن حرب المنطقة وبحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية».
وفي يوم الجمعة، اشتعل الصراع عندما قررت حكومة بنيامين نتنياهو ضرب إيران و«استهداف برامجها النووية والباليستية». وأسفرت الهجمات عن إصابة العديد من المنشآت والمواقع العسكرية الإيرانية، بالإضافة إلى أحياء سكنية مدنية وسقوط قتلى مدنيين. وتلا ذلك رد إيراني انتقامي، ولم تتمكن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية القوية من إحباط سقوط صواريخ متفجرة ومدمرة. واستمرت موجات من الضربات والهجمات الانتقامية طوال عطلة نهاية الأسبوع ومازالت الحرب مشتعلة بينهما.
وعلقت صحيفة «واشنطن بوست» أنه لا توجد هناك نهاية قريبة في الأفق للمواجهات المتبادلة، فبعد أن نجا رئيس الوزراء الإسرائيلي من تصويت في الكنيست كاد أن يسقط حكومته الأسبوع الماضي، ها هو يحشد الدعم الشعبي لحملة عسكرية جديدة ضد النظام الإيراني، الذي طالما تطلع لمهاجمته وتدميره. وقال نتنياهو بعد ظهر الأحد في مدينة بات يام بوسط إسرائيل، حيث أصابت الصواريخ الإيرانية مبانٍ سكنية وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص: «نحن هنا لأننا في خضم صراع وجودي يفهمه جميع المواطنين الإسرائيليين».

سلاح المخيمات

تزامناً، لم يبدأ تسليم السلاح الفلسطيني من بعض المخيمات في بيروت كما كان متوقعاً وفق برنامج زمني يبدأ في 16 حزيران/يونيو بعد زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان، وصدور بيان مشترك لبناني – فلسطيني حول هذا الأمر. وقد أرجئت هذه الخطوة إلى أجل غير مسمى، بسبب خلافات فلسطينية فلسطينية، بعد اعتراض بعض الفصائل على تسليم السلاح وفقاً للخطة التي وضعتها اللجنة الفلسطينية اللبنانية المشتركة، بحجة الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران.
وقد تطرّق رئيس الحكومة نواف سلام إلى هذه المسألة خلال جلسة مجلس الوزراء،
وأكد «أن لبنان ملتزم بما تم التوافق عليه بين الرئيسين جوزف عون ومحمود عباس والذي عبّر عنه البيان الصادر بتاريخ 21 أيار/مايو 2025 خصوصاً لجهة احترام سيادة الدولة اللبنانية وبسط سلطتها على كامل أراضيها والتقيد بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة، إلى جانب متابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية والعمل على تحسين الظروف المعيشية للاجئين مع الالتزام بالقوانين اللبنانية واحترام السيادة».

استهداف إسرائيلي لمواطن في حولا… و«اليونيفيل» تنسق مع الجيش في تفتيش أنفاق

وأضاف «كنت قد بادرت إلى الطلب من الرئيس عباس والسلطات الفلسطينية وضع الالتزامات موضع التنفيذ، وترأست اجتماعات للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لهذه الغاية، علماً أننا كنا قد بدأنا العمل الجاد على ذلك منذ يوم 22 من الشهر الماضي، ويهمني أن أوضح أنه لم يصدر من جهتنا أي إعلان لأي موعد رسمي للبدء بتسليم السلاح أو تحديد لأي مكان سوف تبدأ منه هذه العملية».
وختم «أنا والقيادة الفلسطينية وكذلك السفير رامز دمشقية والاجهزة اللبنانية المعنية على تواصل دائم مع الجهات الفلسطينية لترجمة هذه الالتزامات عملياً ودون إبطاء».
وتفيد معلومات أن الأجهزة الأمنية اللبنانية، وغداة الاجتماع الوزاري الأمني في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية تواصلت مع مختلف الفصائل الفلسطينية وأبلغتهم ضرورة الامتناع عن استغلال الحرب الراهنة، لاستخدام الأراضي اللبنانية منصّة لإطلاق الصواريخ، بحجة مساندة إيران، وذلك منعاً لتعرض لبنان لخطر الاستهداف ردّاً على أي هجمات صاروخية، وهذا ما فعلته الأجهزة ايضاً مع «حزب الله».
ميدانياً، أغار الطيران الإسرائيلي المُسَيَر على مواطن كان يعمل في تربية النحل في الاطراف الغربية لبلدة حولا ما أدى إلى استشهاده. واستهدف جيش الاحتلال بقذيفة هاون منطقة العويضة في أطراف بلدة كفركلا، كما ألقى اربع قذائف مدفعية بين بلدتي الطيبة وعديسة. وسجل تحليق للطيران الإسرائيلي المسير على علو منخفض فوق بيروت وضواحيها.

خروقات إسرائيلية

وفي هذا الإطار، صدر عن المكتب الإعلامي للقطاع الغربي لـ«اليونيفيل» البيان الآتي: «يواصل القطاع الغربي لليونيفيل، بقيادة العميد الركن نيكولا ماندوليسي، ضمان الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق من خلال دعم عملي متواصل للجيش اللبناني. وخلال الأيام الأخيرة، أثمرت الشراكة الوثيقة بين اليونيفيل القطاع الغربي والجيش اللبناني في العديد من العمليات التي تهدف إلى تعزيز الأمن في جنوب لبنان. وشملت هذه الأنشطة عمليات استطلاع وتواصل على امتداد منطقة المسؤولية، وتفتيش أنفاق مشبوهة، وإدارة نقل موقع مراقبة عسكري في منطقة البستان. كما ظلّ رصد انتهاكات القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أولوية قصوى، بما يضمن تحركاً فعالاً وسريعاً للحيلولة دون تصعيد التوترات».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى