
أثار موقف أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من موضوع الحرب بين إسرائيل وإيران الجدل السياسي مجدداً في بيروت حيث اعتبر قاسم «أننا لسنا على الحياد وسنكون إلى جانب إيران بكل اشكال الدعم، ونتصرفُ بما نراه مناسبًا في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي الأمريكي الغاشم».
وجاء موقف أمين عام «الحزب» بعد أقل من ساعة على تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري «أن لبنان لن يدخل الحرب 200 في المئة لأن لا مصلحة له في ذلك، ولأنه سيدفع الثمن ولأن إيران ليست في حاجة لنا بل إسرائيل هي التي تحتاج دعماً»، كما جاء بعد ساعات قليلة على تحذير الموفد الامريكي توم برّاك من أي تدخل ل «حزب الله» في الحرب بين إسرائيل وإيران لأنه سيكون «قراراً سيئاً».
بري: موقف مبدئي
ولم يشأ الرئيس بري اعتبار بيان الشيخ قاسم رداً على كلامه، مؤكداً على الكلام المنسوب إليه أن «الحزب» لن يشارك في الحرب»، ومعتبراً «أن كلام قاسم هو موقف مبدئي لا يمكن للحزب اتخاذ غيره لأنه متضامن مع إيران».
أما أبرز الردود على أمين عام «الحزب»، فجاءت من تل أبيب حيث كتب وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس على «إكس»: «الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم لم يتعلم الدرس من أسلافه ويهدد بالتحرك ضد إسرائيل تنفيذاً لأمر الديكتاتور الإيراني». وقال «أقترح على الوكيل اللبناني أن يتوخى الحذر وأن يفهم أن إسرائيل قد نفد صبرها تجاه الإرهابيين الذين يهددونها». وختم «إذا كان هناك إرهاب فلن يكون هناك حزب الله».
وفي الداخل اللبناني، أشار الرئيس السابق ميشال سليمان بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى أنه «ركّز على ضرورة إبقاء لبنان بعيداً عما يجري بين إيران وإسرائيل لاسيما وان لبنان عانى كثيراً من الصراعات في المنطقة خصوصاً تلك التي أرخت بثقلها عليه وألحقت به أضراراً على مختلف المستويات».
وشدد «على وحدة الموقف اللبناني في هذه المرحلة الدقيقة وضرورة التركيز على مصلحة البلاد العليا وما يخدم لبنان فقط».
وأضاف انه «اطلع من الرئيس عون على التحرك الأمريكي الذي أجراه موفد الرئيس الامريكي توماس باراك «لاسيما في ضوء الارتياح الذي برز بعد لقاءاته مع رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة، خصوصاً انه استمع باهتمام إلى الاولويات اللبنانية ووعد بمعالجتها بتكليف من الرئيس ترامب».
بري يجزم بعدم المشاركة في الحرب… وجعجع يحذّر من تحويل لبنان ساحة فوضى
وعلّق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على كلام قاسم، قائلاً: «شيخ نعيم، لا تستطيع التصرُّف بما تراه مناسباً. الحكومة اللبنانية وحدها تستطيع التصرُّف بما تراه مناسباً، لأنها تمثِّل أكثرية الشعب اللبناني».
واضاف «شيخ نعيم، لبنان وطن ودولة، وبخاصة حالياً في العهد الجديد، وليس مقبولاً على الإطلاق ان يسمح كل أحد لنفسه بالتصرُّف، وإلا تحوّل لبنان إلى ساحة فوضى لا يحكمها حاكم، ولا يرعى شؤونها دستور ولا قانون». وختم «شيخ نعيم، إذا كان لديك أي اقتراح فيما خص الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، تستطيع أن تحمِّله الى ممثليك في الحكومة كي يطرحوه في أول جلسة لمجلس الوزراء، وهناك حصراً يتم التداول به واتخاذ القرار المناسب».
ولفت النائب مروان حمادة إلى «موقف الرئيس نبيه بري عندما قال إننا لن ننجر إلى الحرب، وهو ما يطرح علامات استفهام حول كلام نعيم قاسم»، سائلاً «هل يهدد بفتح جبهات جديدة لتعديل موازين القوى أمام الولايات المتحدة؟ أو أنه يلوّح باستخدام ما تبقى من ترسانة «حزب الله» في محاولة لتشكيل جبهة استراتيجية جديدة رغم الخطر الكبير الذي قد يجلبه هذا الخيار على لبنان؟».
ورأى «أن تصريحات قاسم لم تأتِ من فراغ بل ترتبط بشكل مباشر بالولاء لنهج الولي الفقيه، وقد لامست مشاعر شريحة واسعة من الطائفة الشيعية ما قد يضغط على «حزب الله» في اتجاه التحرك، بخاصة إذا ما تعرض المرشد الإيراني خامنئي لأي مكروه»، مشيراً إلى «أن بيان قاسم كان صريحًا في مساندة إيران لكنه ترك الباب مفتوحاً بقوله: «سنتصرف بما نراه مناسبًا في الوقت نفسه».
قاسم يرد على ترامب
وكان الأمين العام لـ «حزب الله» علّق على العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران، بالقول: «تمثِّلُ الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإضاءةَ العالمية البارزة في نُصرة المستضعفين، ودعمِ المقاومة، وتقديمِ الدعم الكامل لتحرير فلسطين والقدس، وهي تجربةٌ إيمانية أخلاقية استقلالية عزيزة».
وأكد «أن تهديدَ رئيس أمريكا بالعدوان على المرجع الديني الأعلى والولي الفقيه الإمام الخامنئي، والعدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هو عدوانٌ على كل شعوب المنطقة وأحرار العالم»، معتبراً «أن أمريكا تأخذ المنطقة إلى الفوضى وعدم الاستقرار، وتأخذ العالم إلى أزمات مفتوحة، ولن ينالها إلا الخزي والعار والفشل»، قائلاً «من حق إيران أن تدافع عن نفسها، ومن حق شعوب المنطقة وأحرار العالم أن يكونوا مع القائد العظيم ومع إيران في خندقٍ واحد.
ولسنا على الحياد في حزب الله والمقاومة الإسلامية بين حقوق إيران المشروعة واستقلالها، وبين باطل أمريكا وعدوانها ومعها والغُدة السرطانية إسرائيل والمستكبرين. نحن إلى جانب إيران في مواجهة هذا الظلم العالمي، لأننا مع استقلالنا وتحرير أرضنا وحرية قرارنا وخياراتنا. لسنا على الحياد، ولذا نُعبِّر عن موقفنا إلى جانب إيران وقيادتها وشعبها، ونتصرفُ بما نراه مناسبًا في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي الأمريكي الغاشم».
ودعا «كل الأحرار والمستضعفين والمقاومين والعلماء وأصحاب الرأي السديد إلى رفع الصوت عاليًا، وإبراز مظاهر القوة والشجاعة والدعم، بالالتفاف حول القيادة الأشرف والأنبل للإمام الخامنئي، ومع الشعب الإيراني الشجاع والمعطاء، فاتحادُنا هو السبيلُ لتعطيل مشاريع الهيمنة، وهو الذي يُساهمُ في تعطيلِ أهداف العدوان».
غارتان إسرائيليتان على العباسية والهبارية… والسفير الفلسطيني يؤكد احترام السيادة اللبنانية
وختم قاسم: «لن تتمكنَ أمريكا الطاغية وإسرائيل المجرمة أنْ تُخضعَ الشعب الإيراني وحرس الثورة الإسلامية، هذا شعبٌ لا يُهزم، وقد أثبتت أيامُ العدوان الإسرائيلي الماضية صلابةَ هذا الشعب وتحدِّيه لكل الضغوطات.
كما أظهرت عجزَ إسرائيل وخسائرها الفادحة التي تُصيبها للمرة الأولى منذ سبع وسبعين سنة لاحتلال فلسطين، ولهاثها إلى طلب دعم أمريكا في عدوانها، ومع ذلك فهذا لا يعفينا من مسؤولية أن نكون إلى جانب إيران ومعها بكل أشكال الدعم التي تساهم في وضع حد لهذا الجبروت والطغيان»…
السفيران السعودي والفلسطيني
وفي المواقف، قدّم السفير السعودي وليد البخاري خلال استقباله عضو اللجنة العالمية ومسؤول الشرق الأوسط في حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان نظرة شاملة للفترة الممتدة من حرب غزة إلى الهجمات الإسرائيلية على إيران، مسلطًا الضوء على الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية. وأعرب عن ثقته في «أن لبنان سيبقى بمنأى عن الاستهداف العسكري في هذه المرحلة، بفضل النهج الواعي واليقظ للدولة والقوى السياسية».
أما السفير الفلسطيني أشرف دبور الذي زار الرئيس عون في بعبدا، فأوضح أنه «جرى استعراض الأوضاع الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي المستمر على أبناء شعبنا في الأراضي الفلسطينية».
وأعرب «عن الشكر والتقدير لمواقف الرئيس عون الداعمة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في كافة المجالات، وبخاصة رعايته للاجئين الفلسطينيين في لبنان لحين عودتهم إلى وطنهم، وحرصه على تحسين ظروفهم المعيشية والحياتية والتزامهم بالقوانين اللبنانية». وأكد «احترام الشعب الفلسطيني وقيادته سيادة لبنان وبسط سلطته على كافة أراضيه بما فيها المخيمات الفلسطينية وفقاً لما جاء في خطاب القسم والبيان الرئاسي المشترك خلال القمة اللبنانية ـ الفلسطينية والالتزام بالتعاون المشترك والتنسيق الكامل مع الدولة اللبنانية».
وكان البعض تابع نتائج أول إطلالة للموفد الأمريكي توم برّاك، وقارن بين أدائه وبين أداء الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس، وبدا أن الرؤساء الثلاثة أبدوا ارتياحهم إلى الموفد الجديد، وإظهار تفهمه لوضع لبنان وإنما من دون أي تراجع في الدفع نحو تنفيذ التزامات لبنان بنزع سلاح «حزب الله» والتحذير من توريط لبنان في حرب جديدة.
غارتان وتفجير منزلين
ميدانياً، شن الطيران الإسرائيلي غارة على سيارة في العباسية، ما أدى إلى استشهاد محمد خضر الحسيني من بلدة جناتا. وبعد الظهر، استهدفت مسيرة أخرى سيارة مركونة إلى جانب الطريق عند اطراف الهبارية، ولم تؤد الغارة إلى وقوع إصابات. هذا وحلّقت مسيّرة إسرائيلية بشكل مكثف في أجواء مدينة بيروت، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية، على علو منخفض.
وفجّرت القوات الإسرائيلية في ساعات الصباح الأولى منزلين في بلدتي حولا وميس الجبل بعد توغلها داخل الأراضي اللبنانية، وأقدمت بعدها على الاستيلاء على جرافة من المنزل في ميس الجبل ونقلتها إلى داخل الأراضي المحتلة.