مقالات صحفية

التدابير الأمنية في محكمة رومية… كما الأهالي والشهود كذلك المحامون!

جوانا فرحات _المركزية

 صرختان أطلقها المحامون وأهالي السجناء على أبواب محكمة سجن رومية التي أقلعت جلساتها بعد طول انتظار.

في ما خص المحامين يبدو أن درجة الإستياء عالية جداً جرّاء قرار استئناف العمل القضائي داخل محكمة سجن رومية، وذلك لأسباب أمنية ولوجستية معقّدة. وقد اشتكت الغالبية من التدابير الأمنية الدقيقة المتخذة مما يؤخر دخولهم إلى قاعة المحكمة. يضاف إلى ذلك استحصالهم على أذونات الدخول في وقت كان يتم إنجاز ذلك في العدلية وداخل قصور العدل، لا داخل السجون.  وشكا عدد من المحامين من روتين العمل إذ  يضطرون إلى تمضية يوم كامل لمعالجة قضية واحدة في رومية، في حين يمكنهم إنجاز عدة ملفات ومراجعات في العدلية خلال الفترة ذاتها.

أما الأهالي فأعربوا عن استيائهم من إعادة العمل في محكمة سجن رومية، نتيجة منع دخول المدنيين إلى المبنى، ما يُفقد الأهالي حقهم في حضور جلسات ذويهم، وهو حق يكفله القانون ويُمارَس علناً في قصور العدل، لا سيما في بعبدا، حيث تُعقد الجلسات تحت شعار “باسم الشعب اللبناني”. ويطالب المحتجون باعتماد حل يضمن الشفافية، ويكفل للموقوفين محاكمات علنية ضمن المعايير القانونية، لا عبر جلسات شبه سرّية في ظروف أمنية مشددة تمنع حتى الأهل من المتابعة.

المحامي ألبير يمين يؤكد لـ”المركزية” أن عودة العمل إلى محكمة سجن رومية يساهم في تسريع المحاكمات وحل جزء ولو يسير من أزمة الإكتظاظ في سجن رومية. ويلفت إلى أن أبرز أسباب تأخير المحاكمات تعود إلى مشكلة سوق المتهمين إلى قصور العدل إما بسبب النقص في عدد الآليات أو عدم توافر مادة البنزين وفي كل مرة كان يتأخر وصول المتهم إلى قاعة المحكمة، يضطر القاضي إلى تأجيل الجلسة لشهرين أو أكثر مما يؤدي إلى خسارة الموقوف المدة الزمنية التي يستفيد منها.

إذا  ثمة خطوة إيجابية لا يمكن إنكارها مع عودة عمل محكمة سجن رومية أقله من الناحية النظرية وهي تسريع المحاكمات. لكن عمليا دونها عقبات. وفي السياق، يؤكد يمين جدية ودقة التدابير الأمنية المفروضة، إضافة إلى عدم السماح حتى للمحامين بالدخول إلى سجن رومية إلا بعد نيل أذونات خاصة . ويشير إلى أن التدابير الأمنية السابقة كانت أكثر تشددا، بحيث كان يُفرض على المحامي أن يخلع حذاءه ويخضع للتفتيش الدقيق وهذا الإجراء غير قانوني بحق المحامين وأدى في أكثر من مرة إلى حدوث فوضى وجلبة حتى أن بعض المحامين كانوا يرفضون الإمتثال لهذه التدابير الدقيقة ويغادرون المبنى من دون إنجاز مهمتهم القانونية.

اليوم اختلف الأمر لجهة إلزام المحامين خلع أحذيتهم للتفتيش، لكن مع الإبقاء على باقي التدابير الدقيقة وهذا أمر طبيعي ولا يجوز ان يتسبب باستياء نظراً إلى المخالفات التي كانت تحصل داخل سجن رومية من خلال إدخال مخدرات أو آلات حادة إلى السجناء ليس بواسطة المحامين إنما التدابير الأمنية تشمل الجميع.

أيضا يسجل المحامون استياءهم من عدم السماح لهم بالدخول إلى حرم مبنى سجن رومية بسياراتهم وإجبارهم على ركنها خارج أسواره. كما يُمنع عنهم إدخال الهواتف الخلوية وهذا التدبير ليس بجديد، يقول يمين علما أنه لا يُطبق في باقي المحاكم. وهذه الإجراءات تبقى مقبولة وقد تخضع للتطور.

في ما خص صرخة أهالي المتهمين الذين حرموا من حضور الجلسات في محكمة سجن رومية، يؤكد يمين على أحقية رفعهم الصوت عاليا “فالمحاكمات لا تكون سرية إلا في قضايا محددة أما المبدأ العام فينص على وجوب أن تكون المحاكمات علنية ومن حق الأهل أن يتابعوا حضوريا سير المحاكمات”.

النقطة الثانية التي يثيرها يمين تتعلق بحضور شهود الحق العام والشاهد الشخصي الذي يطالب به المتهم “علماً أنه لا يمكن السير بالملف إذا كانت الدعوى تتعلق بالشاهد”.

مع ذلك، يختم مثنيا على خطوة إعادة فتح محكمة سجن رومية لأنها تسرّع في عملية المحاكمات واختصار المدة الزمنية من التوقيفات لعدد كبير من الموقوفين. أما الإستثناءات فهي واردة لكنها لا تبطل الهدف الأساسي المتعلق بتسريع المحاكمات.

استياء المحامين والأهالي من الإجراءات الأمنية المشددة المفروضة على دخول محكمة سجن رومية، واعتبارها مذلة  ” وتتجاوز الحدود وتؤثر سلباً على كرامتهم المهنية بحيث يتم التعامل معنا وكأننا موقوفون في حين أننا نؤدي واجبنا المهني في المحكمة” بدأت تهدد باستمرار عمل المحكمة في حال لم يصر إلى استجابة مطالب الأهالي والمحامين.

تصف إحدى المحاميات المشهد عند مدخل محكمة سجن رومية بـ”المذلّ”، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات تتعارض مع مكانة المحامي ورسالة العدالة التي يمثلها. وتضيف أن المحامين يُعاملون وكأنهم موقوفون، رغم أنهم يؤدون واجبهم المهني في المحكمة.

واستجابة لهذه الوضعية، للحد من منسوب الإستياء لدى المحامين ثمة اقتراحات عديدة توائم بين التدابير الأمنية وكرامة المحامي ومن بينها تأمين صناديق أمانات للمحامين لوضع أغراضهم الشخصية، وتوفير آلية نقل بواسطة باص مخصص لهم من مدخل السجن إلى قاعة المحكمة، مع تجهيز غرفة للمحامين في الطابق الأول من مبنى المحكمة لضمان أداء مهام المحامي المهنية بكرامة واحترام وبما يتناسب مع دوره في تحقيق العدالة وليس كطرف موقوف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى